للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحزم والصرامة، وأن تعمل على قتل الدعوة الإسلامية باضطهاد صاحبها ومن اتبعه.

فأما موقفهم من الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقد أفاضت كتب السيرة في سرد المساءات التي لقيها الرسول -صلى الله عليه وسلم- منهم١. ونضرب لذلك بعض الأمثلة عسى أن يكون فيها عبرة وتبصرة، وعسى أن تكون درسًا عمليًّا يعلم الناس كيف يكون الصبر على البأساء والضراء، وكيف تكون التضحية المخلصة من أجل المبدأ والعقيدة.

فمن ذلك ما روي عن طارق المحاربي أنه قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في السوق يقول: "أيها الناس: قولوا لا إله إلا الله تفلحوا"، ورجل خلفه يرميه بالحجارة وقد أدمى عقبه، ويقول: لا تطيعوا محمدًا فإنه كذاب، فقلت: من هذا؟

قالوا: محمد وعمه أبو لهب٢.

وكذلك ما فعلته زوج أبي لهب وهي أم جميل بنت حرب أخت أبي سفيان، فكثيرًا ما كانت ترمي الشوك في طريقه، وتلقي بالقاذورات النجسة أمام بيته، ولم تترك عملًا فيه إيذاء للرسول -صلى الله عليه وسلم- إلا وفعلته، حتى لم تكتف بهذا الإيذاء العملي، بل كانت تسب الرسول -عليه الصلاة والسلام- وتذمه، وتوقع العداوة بينه وبين


١ انظر "الروض الأنف" ٢/ ٤ وما بعدها، و"المواهب اللدنية" ١/ ٢٢٥ وما بعدها، "تاريخ ابن الأثير" ٢/ ٤٢ وما بعدها، "دلائل النبوة" للبيهقي ٢/ ٢٧٤ وما بعدها، ولأبي نعيم ٢٧٠ وما بعدها، "طبقات ابن سعد" ١/ ٢٠٠ وما بعدها. "البداية والنهاية" ٣/ ٤٢ وما بعدها.
٢ أخرجه أبو نعيم، كما في "جامع المسانيد والسنن" ٦/ ٤٧٦، والطبراني في "المعجم الكبير" ٨١٧٥، والدارقطني في سننه ٣/ ٤٤ وابن حبان في صحيحه ٦٥٦٢، والحاكم ٢/ ٦١١ وغيرهم وهو حديث حسن صحيح.
وانظر "مجمع الزوائد" ٦/ ٢٣، و"المطالب العالية" ٤٢٧٧. وقد عزاه لابن أبي شيبة و"دلائل النبوة" ٥/ ٣٨٠ للبيهقي. والنسائي في "القسامة" ٨/ ٥٥.

<<  <   >  >>