للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[من العبر في غزوة الأحزاب]

ما أعظم النصر بعد الصبر، وما أجمل الفرج بعد الشدة، وما أجل العبرة التي يجدها المؤمنون حينما يرون الأحزاب وهم في مثل هذه الجموع الحاشدة والعدة الهائلة، يرجعون خاسرين أمام الفئة القليلة المؤمنة دون حرب أو قتال، لقد عرفوا الله فأمدهم بعنايته، وآمنوا به فأيدهم بقوته: {وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} ١.

ويا لها من عبرة بالغة يجدها المؤمن حينما يرى موقف اليهود من بني النضير وبني قريظة لقد تبددت أحلامهم وآمالهم في القضاء على المسلمين، وانعكست الآية٢ فارتد يهود بني النضير خائبين مع أحزابهم، وانهار الأساس الذي أقاموه بالعرق والدموع والكفاح المرير، وبذلوا في سبيله كل نفيسٍ وغالٍ.

أما يهود بني قريظة الذين كانوا يريدون الموت والفناء للمسلمين فقد قضي عليهم بالموت والفناء، وارتدت سهامهم المسمومة إلى صدورهم، وحاق بهم سيئ مكرهم. {وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} ٣.

فيا باغي الشر أقصر، فعلى الباغي تدور الدوائر.

ويا ساعيًا إلى الظلم حسبك، فإنك تظلم نفسك قبل أن تظلم غيرك، وإن عدل القضاء يتعقبك في الدنيا والآخرة: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه، وَمَنْ يَعْمَلْ


١ سورة آل عمران، الآية ١٢٦.
٢ قدمنا أن هذا التعبير لا يحسن استعماله.
٣ سورة النحل، الآية ٣٣.

<<  <   >  >>