للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[استثناء النساء من شروط الصلح]

وقد أراد الله أن تُستثنى النساء من بعض هذه الشروط خوفًا عليهم من الفتنة، لأن المرأة يسهل التأثير عليها وتغيير رأيها إذا تعرضت لعوامل الرغبة أو الرهبة، وكان من ذلك: أن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط وهي أخت عثمان لأمه، جاءت إلى المسلمين عقيب صلح الحديبية فارة من المشركين. فطلبها المشركون تنفيذًا للعقد المبرم بينهم وبين الرسول -صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله إني امرأة وإن رجعت إليهم فتنوني في ديني. فلم يشأ الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يخالف العهد الذي التزمه، ولكن الله وجه الرسول -صلى الله عليه وسلم- في هذه المسألة للطريق الذي يسير عليه، فأنزل هذه الآيات الكريمة:

{أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنفَقُوا وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} ١.

وتنفيذًا لهذا الأمر الإلهي كانت المرأة المهاجرة تستخلف: أنها ما خرجت رغبة بأرض عن أرض، ولا بغضًا في زوج، ولا لالتماس دنيًا، وأنها ما خرجت إلا حبًّا في الله ورسوله، ومتى حلفت لا ترد، بل يعطي لزوجها المشرك ما أنفقه عليها، ويجوز للمسلم أن يتزوجها.


١ سورة الممتحنة، الآية ١٠.

<<  <   >  >>