للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعاهدة بين الرسول -صلى الله عليه وسلم- واليهود

كانت المؤاخاة التي عقدها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين المهاجرين والأنصار في المدينة أساسا لتقوية المسلمين، وتوكيدا لوحدتهم وألفتهم وضمانا لحياة كريمة صافية، وعيشة راضية.

وكان اليهود يقيمون بجوار المسلمين في المدينة وهم يهود بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة، وكان هؤلاء اليهود أعداء للأوس والخزرج -الأنصار قبل أن يدخلوا الإسلام- فلما دخلوا الإسلام وقوي أمرهم بمجيء إخوانهم المهاجرين ازدادت عدواتهم وحقدهم عليهم. {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} ١، فكان من سياسة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وحسن تدبيره أن يبدأ هؤلاء اليهود بالمودة، ويبسط لهم يد الأخوة، ويتفق معهم على التضامن والتعاون حتى تكون المدينة كلها صفًّا واحدًا وقوة واحدة، وحتى لا يطمع في المدينة طامع وينال منها عدو.

وقد كتب الرسول -صلى الله عليه وسلم- معاهدة بين فيها حقوق المسلمين وواجباتهم وحقوق اليهود وواجباتهم، وكان أساس هذه المعاهدة الأخوة في السلم، والدفاع عن المدينة وقت الحرب، والتعاون التام بين الفريقين إذا نزلت شدة بأحدهما أو كليهما.

وقد جاء في هذه المعاهدة ٢: وأن اليهود أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم


١ سورة المائدة، الآية ٨٢.
٢ أورد المؤلف بعضًا منها، وقد ذكرها ابن إسحاق بطولها، ونقلها عنه الحافظ ابن كثير في "البداية" ٣/ ٢٢٤- ٢٢٥، ثم ذكر أن أبا عبيد القاسم بن سلام تكلم على شرح هذا الكتاب في "غريب الحديث".
قلت: وابن إسحاق لم يسند الواقعة، ولا رأيت الاتفاق من وجه متصل صحيح. انظر "الروض الأنف" ٢/ ٢٥٠ وما بعدها.

<<  <   >  >>