هذه الفترة من الزمان التي تشمل على اثنين وعشرين شهرًا من حياة الرسول -صلى الله عليه وسلم- حيث تبدأ في شهر ذي القعدة من العام السادس، وتنتهي في شهر رمضان من العام الثامن الهجري، تعتبر من أهم الفترات وأخطرها في تاريخ الإسلام والمسلمين، وذلك لما تضمنته من الأحداث الكبرى التي تغيرت بها موازين القوى في الجزيرة العربية، وما يحيط بها من الدول الكبرى التي كانت تملك زمام النفوذ والسلطان في العالم.
وتبدأ هذه الأحداث بغزوة خيبر، حيث تم القضاء فيها على آخر معقل مهم لليهود في الجزيرة العربية، ثم نرى بعد ذلك موقف الرسول -صلى الله عليه وسلم- من العالم الخارجي وكيف تطلع إلى تحقيق الهدف الأسمى للرسالة، وهو الهدف الذي تميزت به عن سائر الرسالات السابقة، وأعني به تبليغ الدعوة إلى الناس كافة، فعمد إلى إرسال الكتب للملوك والأمراء خارج الجزيرة يدعوهم إلى الإسلام، ويأمرهم بنبذ ما عداه من سائر الأديان.. والتفسير الطبيعي لهذا العمل هو أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعد أن أمن جانب قريش بصلح الحديبية شعر بالقوة التي تمكنه من أن يرفع صوته حتى يجتاز آفاق الجزيرة إلى الدول الكبرى المجاورة، ثم كانت سرية مؤتة وفيها اصطدم المسلمون بالروم لأول مرة، ومهما كانت نتيجة تلك السرية فإنها تدل على أن وضع المسلمين قد تغير في هذه الفترة عمّا كان عليه من قبل، وأنه قد انتقل من الخوف والضعف إلى الأمن والقوة، وسوف نتحدث الآن عن هذه الأحداث المهمة بشيء من التفصيل.