للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مقدمة]

شريعة الله إلى الناس واحدة، ورسالته إلى الأنبياء خالدة، تمتد جذورها إلى الإنسان الأول وهو آدم أبو البشر. وتنتهي فروعها بانتهاء هذا الجنس البشري، وقيام الناس لرب العالمين.

وإذا كان محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم- هو خاتم الرسل والأنبياء؛ فإن رسالته لا تزال متصلة إلى يوم الناس هذا، يحملها خلفاؤه والعلماء من أمته على توالي الأجيال والقرون ...

ولقد شرع الله للإنسانية دينًا واحدًا في جوهره وأصوله، لم يتغير بتغير الأنبياء. ولم يتبدل باختلاف الأزمنة والعصور؛ بل كان أساسه توحيد الله والإخلاص في عبادته، وكانت دعائمه توزيع العدالة بين الناس، وتنظيم العلاقة بين الفرد والجماعة، وتربية الضمير١ الديني ليكون بين يدي الناس ومن وارئهم قانونًا يحكم ويلزم، ويراقب ويحاسب.

وهكذا كان الأنبياء جميعًا منذ أبيهم آدم -عليه السلام- إلى خاتمهم محمد -صلى الله عليه وسلم-


١ أي الوازع الديني، من محبة الله تعالى وفعل الخيرات طمعًا في جنته، وترك المنكرات والآثام، خوفًا من عقابه.
وأما ما شاع عند العامة من أن الضمير هي إرادة الخير، وعدم الإضرار بالآخرين، وإنها تنشأ عند كل إنسان عاقل؛ فشيء لا حقيقة له، والواقع ينقضه، وحسبنا قول الله تعالى: {إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا، إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا، وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا، إِلاَّ الْمُصَلِّينَ} .
ولذلك كان لا بد لصلاح الفرد من تربية دينه، تسدد خطاه، وتنير دربه.

<<  <   >  >>