يتجه الإسلام في علاج الأمراض الأخلاقية والمشكلات الاجتماعية إلى أقوم طريق، ويوجه الغرائز البشرية والطبائع الإنسانية إلى المنهج السوي الصالح، فهو لا يقاوم الرغبات، بل يقومها، ولا يناهض الطبائع والعادات بل ينهض بها، ولا يقتل الحيوية الموجودة في النفوس إذا ما جمحت، أو ينزل به إلى الدرك الأسفل، وإنما هو يحييها ويسموا بها ويعليها.
ولقد عالج الإسلام العصبية القبلية في نفوس العرب على هذا الأساس السليم، فوجهها إلى الناحية الصالحة المستقيمة، وحول ذلك التيار القوي الذي كان يغذيها إلى اتجاه يوصل إلى غاية مجيدة ... فبعد أن كانت غاية المرء في الجاهلية هي نصرة قبيلته، والدفاع عن أهله وعشيرته مهما نأوا عن الحق وتشبثوا بالباطل، أصبحت الغاية في الإسلام هي نصرة الحق على الباطل -ولو حارب المرء في هذا السبيل أهله وبنيه، وتبرأ من أمه وأبيه وفصيلته التي تؤويه، وبذلك صارت الحمية في الجاهلية عزة إسلامية وأخوة دينية، وأصبح التنافس القبلي البغيض تنافسا رشيدا يسعى إلى التعمير لا التدمير، ويهدف إلى الإنشاء.
١ إعلاء العصبية عند علماء النفس هو توجيهها إلى الوجهة النافعة -المؤلف.