[الفصل التاسع: من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم وشمائله]
كانت حياة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في هذه الدنيا كالشجرة الطيبة التي ثبتت أصولها، وانبسطت ظلالها، وآتت ثمارها المباركة في وقت وحين، بل كالمشكاة النيِّرة التي يتألق ضوؤها ذات اليمين وذات الشمال وفي كل مجال، ويهدي الله بها من يشاء من عباده.
فلما قضى الله على رسوله -صلى الله عليه وسلم- أن يلحق بالرفيق الأعلى ويوضع جسده الطاهر في باطن الأرض، رجع الناس بسيرته نورًا يسعى بين أيديهم وبأيمانهم. وسوف يظل هذا النور هداية للناس ورشادًا، ما دامت السموات والأرض وما بقي الوجود كله.
وإنه لحق علينا -نحن المسلمين- أن ننتفع بهذا النور المبين، وأن نحسن استغلاله، بدل أن تعشى أبصارنا فيلتوي بنا القصد ويضيع منا الطريق. بيد أن بعض المسلمين قد عشيت أبصارهم بهذا النور، إذ فُتنوا بحبهم للنبي -صلى الله عليه وسلم- فضلوا عن الحق وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا، ذلك أنهم قد بالغوا في تقديس النبي -صلى الله عليه وسلم- مبالغة أنستهم أنه بشر، وأنه خُلِق من طين كما خلق سائر البشر، فقالوا عنه: إنه خلق من نور، وقالوا عنه: أنه أول خلق الله واستدلوا على ذلك