للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بروايات موضوعة١ لا تمت إلى الحق بأي سبب، وغفلوا عن الآيات الواضحة الصريحة التي ذكرها الله -عز وجل- في محكم كتابه، والتي يتبين منها حقيقته البشرية التي أكدها الله وأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم- أن يعلنها للناس في مثل قوله سبحانه: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ} ٢، ثم زاد تأكيدها في آية أخرى تشير إلى أن محمدًا خُلِق من نفس الطينة التي خلق منها سائر البشر، وذلك حيث يقول: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} ٣.

ولقد ذكر بعض المفسرين في تفسيرهم لقول الله عز وجل: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ، يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} ٤.

ذكر بعض المفسرين أن المقصود بالنور في الآية الكريمة هو محمد صلى الله عليه وسلم. ومن هنا ساغ لبعض ضعفاء العقول أن يقول إنَّ محمدًا خلق من نور؛ جهلاً منهم: بما يفهم من الآية، إذ لا شك أن النور الذي جاء في الآية الكريمة، هو النور المعنوي الذي يضيء للناس طريق الحق، وليس النور الحسي الذي تراه العين، والذي يضيء كما تضيء المصابيح وكما تضيء الكواكب.

فالواقع الذي تطمئن إليه النفوس، وتنهض به الحجة، أن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- نور؛ لأنه أضاء للناس طريق الخير بما آتاه الله من العلم والحكمة، ولكنه مخلوق من التراب الذي خلق منه سائر البشر. وليس يضيره في قليل أو كثير أن يكون


١ أو صحيحة، لكن أولوها خلاف معناها الصريح.
٢ سورة فصلت، الآية ٦.
٣ سورة التوبة، الآية ١٢٨.
٤ سورة المائدة، الآية ١٦.

<<  <   >  >>