وكانت دار قصي بن كلاب هي ندوة قريش يجتمعون فيها للنظر فيما يعنيهم من الأمور وما يصادفهم من المشكلات، ولا شك أن أمر محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم- قد أصبح شغلهم الشاغل ومشكلتهم الكبرى، وعلى الأخص بعدما تم من بيعتي العقبة وظهور الإسلام في المدينة.
ومن أجل ذلك فإن قريشًا قد اجتمعوا بدار الندوة، ليتشاورا فيما يصنعون بمحمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم- بعد أن عظم أمره واشتد خطره.
قال قائل منهم: نخرجه من أرضنا وننفيه إلى مكان بعيد كي نستريح منه فرفض هذا الرأي، لأنهم قالوا: إذا خرج إلى مكان آخر اجتمعت حوله الجموع، لما يرونه من حلاوة منطقه وعذوبة لفظه.
وقال آخر: نوثقه ونحبسه حتى يدركه ما أدرك الشعراء قبله من الموت؛ فرفض هذا الرأي كذلك، لأنهم قالوا: لئن حبستموه كما تقولون ليظهرن أمره وليبلغن أصحابه، وليوشك هؤلاء أن يثبوا عليكم ليخلصوا محمدًا من أيديكم ثم يكاثروكم به حتى يغلبوكم على أمركم ...
وأخيرًا قال أبو جهل بن هشام:
والله إن لي فيه رأيًا ما أراكم قد وقعتم عليه بعد.
قالوا: وما هو يا أبا الحكم؟
قال: أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى شابًّا جلدًا نسيبًا وسيطًا، ثم نعطي كل