للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وللمسلمين دينهم، ومن ظلم أو أثِمَ منهم؛ فإنه لا يوتغ -لا يهلك- إلا نفسه وأهل بيته، وأن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم، وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة١، وأن بينهم النصح والنصيحة والبر دون الإثم، وأن ما كان من أهل هذه الصحيفة من حدث أو اشتجار يخاف فساده، فإن مرده إلى الله وإلى محمد -صلى الله عليه وسلم- وأن بينهم النصر على من دهم يثرب، وأن من خرج آمن، ومن قعد آمن بالمدينة، إلا من ظلم وأثم، وأن الله جار لمن بر واتقى".

وقد كتب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد هذه المعاهدة معاهدات خاصة مع اليهود تتجه إلى هذه الأهداف، وتدور حول تلك الأغراض.

وقد دلت هذه المعاهدات الجلية على سمو تفكير الرسول -صلى الله عليه وسلم- وحسن سياسته، فهي تقرر حرية العقيدة، وحرية الرأي، وحرمة المدينة، وتحرم الجرائم، وتحارب الظلم والإثم، وقد وضعها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منذ قرابة أربعة عشر قرنا من الزمان، ولكن لا تزال إلى هذا العصر الذي نعيش فيه نبراسا يهتدي به الساسة والقادة إذا اضطربت الأمور وأظلم السبيل.

ولا شك أن هذه المعاهدات الخالدة٢ كانت ذات أثر كبير في تقوية عزائم المسلمين، وحفظ المدينة من مطامع المشركين المعتدين، ولولا أن اليهود غدروا وخانوا العهد والمواثيق، وبدأوا بالعدوان على المسلمين، لما وقف


١ يعني المسلمين واليهود.
٢ كثيرا ما يطلق المؤلف هذه العبارة على الأمور المهمة، وكأنه يريد بذلك تعظيمها، أما الخلود فذاك شأن آخر.

<<  <   >  >>