للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مناقشة شروط الصلح:

تبدو هذه الشروط أول الرأي وكأنها مجحفة بحقوق المسلمين، وهذا هو الذي دفع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلى أن يستفسر من الرسول -صلى الله عليه وسلم- بطريقة تتجافى عن الأسلوب الرقيق الذي تعوده الرسول -صلى الله عليه وسلم- من أصحابه المخلصين، فلقد ذكر الرواة١: أن عمر بن الخطاب حينما تم الصلح بين الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقريش يوم الحديبية، تألم لقبول الرسول -صلى الله عليه وسلم- هذه الشروط ودارت بينه وبين الرسول -صلى الله عليه وسلم- مناقشة يرويها عمر فيقول: "أتيت نبي الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا نبي الله، ألست بنبي الله حقًّا؟ قال: " بلى". قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال: " بلى قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذن؟ قال: "إني رسول الله، ولست أعصيه وهو ناصري قلت: أوليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال: " بلى، أفأخبرتك أنا نأتيه هذا العام؟ " قلت: لا. قال: "فإنك آتيه ومطوف به ... "

والحق أن هذه الشروط تعتبر مغنمًا للمسلمين، ونقطة تحول في حياتهم، ومبدأ عهد جديد وضحت فيه قوتهم، إذ أصبحوا يقفون من قريش موقف الند للند، واعترفت لهم قريش بذلك ... وأصبحت القبائل في سائر الجزيرة العربية لا تتهيب الانضمام إلى المسلمين ما دامت قريش قد التزمت بتأمين من يدخلون في حماية الرسول -صلى الله عليه وسلم- وحلفه.


١ بسند صحيح عند البخاري ٢٥٨١ وغيره.

<<  <   >  >>