لم يجئ في خبر صحيح عن معصوم أن البيت كان مبنيًّا قبل الخليل إبراهيم عليه السلام. ومن تمسك في هذا بقوله تعالى: {مَكَانَ الْبَيْتِ} ، فليس بناهض ولا ظاهر؛ لأن المراد مكانه المقدر في علم الله، المقرر في قدرته، المعظم عند الأنبياء موضعه من لدن آدم إلى زمان إبراهيم، وقد ذكرنا أن آدم نصب عليه -على الموضع- قبة، وأن الملائكة قالوا: قد طفنا قبلك بهذا البيت، وأن السفينة طافت به أربعين يومًا، ونحو ذلك. ولكن كل هذه الأخبار عن بني إسرائيل. وقد قررنا أنها لا تصدق ولا تكذب فلا يحتج بها، فأما إن ردها الحق فهي مردودة، وقد قال تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ} ... {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ} ، أي الحجر الذي كان يقف عليه قائمًا لما ارتفع البناء عن قامته، فوضع له ولده هذا الحجر المشهور ليرتفع عليه ... إلى آخر ما قال ابن كثير. وقد رجع ابن كثير في "البداية" "٢/ ٢٩٨ - ٢٩٩" فذكروا روايات بني إسرائيل في ذلك، وأعاد التأكيد أنه لا يصح إلا أن البيت من بناء إبراهيم عليه السلام. ٢ أو بيان للموضع وحدوده فقط. ٣ سورة البقرة، الآية ١٢٧.