للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحينما التقى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بوفد المدينة، حدثوه بأن أهل بلدهم ينتظرونه ليلتفوا حوله ويعتنقوا رسالته حتى يمكنهم أن ينتصروا على اليهود ويتخلصوا مما يحيط بهم من الخلاف والشقاق.

وفرح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بلقاء الوفد، فلقد زاد عدد المسلمين إلى اثني عشر رجلًا، ومن ورائهم أهل يثرب، مستعدين لقبول الدعوة الإسلامية وحماية صاحبها، وفي هذه المقابلة تمت بيعة العقبة الأولى.

وقد تحدث عن هذه البيعة عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- فقال: بايعنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ألا نشرك بالله شيئًا، ولا نسرق ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيه في معروف. ثم قال: "فإن وفيتم فلكم الجنة" ١.

وتُسمى هذه البيعة في التاريخ: بيعة النساء، لأنها توافق الشروط التي ورد ذكرها في سورة الممتحنة خاصة بيعة النساء: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ٢.

وتعرف أيضًا بيعة العقبة، نسبة إلى المكان الذي عقدت عنده، وبعد أن تمت هذه البيعة واستعد القوم للرحيل والعودة إلى يثرب، بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- معهم مصعب بن عمير -رضي الله عنه- يقرئهم القرآن ويعلمهم الإسلام ويجمع المسلمين ويصلي بهم، ولقد كان للتعاليم الإسلامية التي شرحها لهم مصعب أثر عظيم في


١ الحديث صحيح أخرجه البخاري ٣٨٩٣، ومسلم ص: ١٣٣٣ وغيرهما.
٢ سورة الممتحنة، الآية ١٢.

<<  <   >  >>