للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقال له: "المغمس"١ وأرسل قائد الجيش رسولًا من قبله إلى مكة يدعى "حناطة الحميري"٢ فقال له: سل عن سيد أهل هذه البلاد وشريفها، ثم قل له: إن الملك لم يأت لحربكم، وإنما جاء لهدم هذا البيت. فإن لم تعرضوا لنا دونه بحرب، فلا حاجة له في دمائكم، فإنه هو لم يرد الحرب فأت إليّ به.

فلما دخل حناطة مكة سأل عن سيد قريش وشريفها، فقيل له: عبد المطلب بن هاشم، فجاءه فأخبره بما أمره به أبرهة، فقال له عبد المطلب: "والله ما نريد حربه، وما لنا بذلك منه طاقة، هذا بيت الله الحرام، وبيت خليله إبراهيم -عليه السلام- فإن يمنعه منه فهو بيته وحرمه، وإن يخل بينه وبينه فوالله ما عندنا دفع عنه". فقال حناطة: فانطلق معي إليه، فإنه قد أمرني بذلك.

فانطلق معه عبد المطلب ومعه بعض بنيه حتى أتى المعسكر ووقف بباب أبرهة، فقيل لأبرهة: إن عبد المطلب ببابك، فقال: من هو عبد المطلب؟ قيل: إنه سيد قريش وصاحب عيش٣ مكة، وهو الذي يطعم الناس في السهل والوحوش في رءوس الجبال. فأذن له أبرهة.

وكان عبد المطلب وسيمًا جميلًا شديد الهيبة والوقار. فلما رآه أبرهة، أجلَّه


١ بضم الميم، وفتح الغين المعجمة، وكسر الميم الثانية وتشديدها، وهذا الموقع يبعد عن مكة نحو ستة أميال، كما في "دلائل النبوة" ١/ ١١٨.
٢ سيرة ابن هشام ١/ ٥٠، والبداية ١/ ١٧٠ وغيرها، وأنه أرسل حناطة بعد أن كان بعث من المغمس رجلًا من الحبشة، يقال له الأسود، على خيل حتى انتهى إلى مكة، فساق أموالًا وإبلًا من تهامة وغيرهم، فيها مائتي بعير لعبد المطلب جد النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان يومها كبير قريش وسيدها. كما ذكر ذلك ابن هشام والبغوي واليعمري والدميري وغيرهم وقد قيل في عدد الإبل غير هذا، كما سيأتي بعد.
٣ عند ابن هشام "عير" ١/ ٥١، وكذلك في "تاريخ الطبري" ٢/ ١٢٠، وفي نسخة من ابن إسحاق عين بالنون، وكذلك جاء في "البداية" ١/ ١٧٢.

<<  <   >  >>