للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأظهرنا على عدونا كان ذلك ما أحببنا، وإن كانت الأخرى جلست على ركائبك فلحقت بمن وراءنا من قومنا، فقد تخلف عنك أقوام يا نبي الله ما نحن بأشد لك حبًّا منهم، ولو ظنوا أنك تلقى حربًا ما تخلفوا عنك، يمنعك الله بهم يناصحونك ويجاهدون معك.

وقد أثنى الرسول -صلى الله عليه وسلم- على سعد ودعا له بخير، ولأنه قدر الظروف وعرف أن مكان القائد هو الإشراف والتوجيه فلا ينبغي أن يتعرض للأخطار١، لأن في حياته حياة الأمة وكيانها وكرامتها، ثم بني العريش للنبي -صلى الله عليه وسلم- حتى يكون في مأمن من العدو إذا لم يكن النصر في جانب المسلمين، وهكذا الإخلاص والإيثار: إخلاص الجندي الأمين لقائده الأمين، وإيثار المؤمن لنبيه على نفسه.

وبمثل هذا الإخلاص والإيثار مَنَّ الله على المسلمين، ومكن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وبدلهم من بعد خوفهم أمنًا، وإن في ذلك لعبرة ...


١ ليس مطلقًا، وها هو -صلى الله عليه وسلم- يوم حنين يأتي المشركين بمفرده على بغلته يقول:
أنا النبي لا كذب ... أنا ابن عبد المطلب
وقد جاء في رواية في المسند ذكرها الحافظ أن كثير في "البداية" ٣/ ٢٧٧ أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يتقدمن أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه" وهذا وقع عند مسلم من حديث أنس.

<<  <   >  >>