وحينما انجلت المعركة وتم النصر للمسلمين، أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يلقى المشركون في القليب، فلما أُخذ عتبة بن ربيعة وسحب إلى القليب، نظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى وجه أبي حذيفة بن عتبة فوجده قد تغير فقال له:"يا أبا حذيفة لعلك قد دخلك من شأن أبيك شيء؟ ".
فقال: لا، والله يا رسول الله، ما شككت في أبي ولا في مصرعه، ولكنني كنت أعرف من أبي حلمًا ورأيًا وفضلًا، فكنت أرجو أن يهديه الله للإسلام، فلما رأيت ما أصابه وذكرت ما مات عليه من الكفر، بعد الذي كنت أرجو له أحزنني ذلك، فدعا له الرسول -صلى الله عليه وسلم- بخير وقال له خيرًا.
ولا شك أن هذا الموقف العجيب من الولد نحو أبيه في تلكم المعركة التي قامت بين الحق والباطل، ليأخذ بأيدينا إلى عبرة بالغة ويسلمنا إلى حقيقة رائعة، وهي أن العقيدة إذا امتزجت بالنفوس واطمأنت بها القلوب فلن يخدعها هوًى أو رغبة، ولن تقف في سبيلها أية عاطفة في هذا الوجود.