للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فصدرت حين تركته متجندلًا ... كالجذع بن دكادك وروابي

وعففت عن أثوابه ولو أنني ... كنت المجندل بزَّني أثوابي

لا تحسبن الله خاذل دينه ... ونبيه يا معشر الأحزاب

وكان في جيش المسلمين جماعة من المنافقين لا يعلمهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقد وقف هؤلاء المنافقون -كعادتهم من المسلمين- موقف اللؤم والخيانة، ولا ريب أن عمر النفاق قصير، وأساليبه وحيله لا تخفى على العقلاء أمدًا طويلًا، ومهما بالغ المنافقون في ستر حقيقتهم فإنهم لدى الاختبار يخفقون في الميدان، ولا يثبتون أمام الشدائد.

وها هم أولاء في تلكم الغزوة يفزعون حينما يرون الأحزاب، وقد جمعوا جموعهم وتهيئوا للحرب والقتال، وتظلم نفوسهم، فيسخرون من وعود الرسول -صلى الله عليه وسلم- لهم بالنصر على أعدائهم، ويقولون: كان محمد يعدنا كنز كسرى وقيصر، فما بالنا لا يأمن أحدنا على نفسه أن يذهب إلى الغائط، وقد سجل الله ذلك القول منهم في تلكم الآية الكريمة:

{وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً} ١.

ثم يتمادى المنافقون في غدرهم وخيانتهم فينسحبون من صفوف المؤمنين ويثبطون الهمم والعزائم ويقولون: {يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا} ٢.

ويعتذرون عن رجوعهم بالأعذار الكاذبة التي أظهر الله حقيقتها بقوله:


١ سورة الأحزاب، الآية ١٢.
٢ سورة الأحزاب، الآية ١٣.

<<  <   >  >>