للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تآمرت عناصر الشر فيه ضد المسلمين، وتآلب الطغيان عليهم من كل مكان، وهو الوقت الذي وصفه الله تعالى بقوله: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا، هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً، وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً، وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَاراً} ١.

وحسبنا في تصوير مدى حقد اليهود على الإسلام والمسلمين أنهم تناسوا ما تنطوي عليه مبادئ الديانة اليهودية في أساسها من التوحيد، وفضلوا الوثنية على دين محمد -صلى الله عليه وسلم- وفي ذلك يروي المؤرخون أن قريشًا قالت لليهود: يا معشر اليهود، إنكم أهل الكتاب الأول، وأصحاب العلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد، أفديننا خير أم دينه؟

قالت اليهود: بل دينكم خير من دينه وأنتم أولى بالحق منه٢.


١ سورة الأحزاب، الآيات ٩-١٠-١١-١٢.
٢ أخرج ذلك الطبري في "المعجم الكبير" ١١٦٤٥ من حديث ابن عباس نحوه، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٧/ ٦: فيه يونس بن سليمان الجمال، ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات. انتهى.
وقال الحافظ ابن كثير في "التفسير" ١/ ٥١٣ روي هذا من غير وجه عن ابن عباس وجماعة من السلف انتهى.
قلت: نعم.
فقد أخرج هذا سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عكرمة مرسلًا.
وكذلك عبد الرزاق وابن جرير.
وأخرجه عبد بن حميد وابن جرير، عن أبي مالك.
وانظر "الدر المنثور" ١/ ٣٠٦-٣٠٧ وما جاء في ذلك.
وهذه الطرق جميعها وإن كانت لا تخلو من مقال، فإنها تتقوى ببعضها.
وانظر "دلائل النبوة" للبيهقي ٣/ ١٩١-١٩٤.

<<  <   >  >>