تعاهد الله ألا تدخلوا عليهم عنوة أبدًا، وايم الله لكأني بهؤلاء قد انكشفوا عنك أي تخلوا عن نصرتك.
فنال منه أبو بكر وقال: ويحك!! أنحن ننكشف عنه؟
وكان عروة يتكلم وهو يلمس لحية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكان المغيرة بن شعبة يقرع يده إذا أراد ذلك ...
ثم رجع عروة وقد رأى موقف أصحاب الرسول من نبيهم -صلى الله عليه وسلم- وكيف كانوا يتنافسون على وضوئه يمسحون به أجسامهم، وإذا تكلموا أمامه لا يرفعون أصواتهم، ولا يحدون النظر إليه، فقال لقومه: والله لقد جئت كسرى في ملكه، وقيصر في عظمته فما رأيت ملكًا في قومه مثل محمد في أصحابه، ولقد رأيت قومًا لا يسلمونه لشيء أبدًا، فانظرًا رأيكم واقبلوا ما عرض عليكم، وإني لكم ناصح، وأخشى إن قاتلتموه ألا تنصروا عليه. فقالت قريش: لا تتكلم بهذا ولكننا نرده في هذا العام ويرجع في العام الذي يليه.
وقد استشار الرسول -صلى الله عليه وسلم- أصحابه، وانتهى الرأي إلى اختيار عثمان بن عفان رسولًا إلى قريش ومعه عشرة من المسلمين استأذنوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في زيارة أقاربهم، وحمل عثمان رسالة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى قريش تفصح عن مقصده والغرض الذي خرج من أجله، ورسالة أخرى إلى المستضعفين من المسلمين يبلغهم فيها أن الحق آتٍ لا ريب فيه وأن نصر الله قريب ...
وحينما التقى عثمان بقريش، وبلّغهم الرسالة التي حملها إليهم، رفضوا السماح للرسول -صلى الله عليه وسلم- بدخول مكة، وسمحوا لعثمان أن يطوف بالبيت، فرفض في حزم وإباء وقال: لا أطوف ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- ممنوع..
ثم إنهم حبسوه، فشاع عند المسلمين: أن عثمان قد قتل. فقال -عليه السلام-