للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه الشروط التي تبدو في ظاهرها مجحفة بالمسلمين كانت موضع الرضا والقبول من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن بعض أصحابه، وقد رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أساسًا متينًا يمكن أن يُبنى عليه المستقبل العظيم الذي يرجوه للإسلام عمّا قليل من الزمان.

وأما الغالبية العظمى من المسلمين فقد داخلهم منها همٌّ عظيم وقالوا سبحان الله! كيف نرد إليهم من جاءنا مسلمًا، ولا يردون إلينا من جاءهم مرتدًا؟

وقد أجاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك فقال: "إنه من ذهب منا إليهم فأبعده الله١ ومن جاءنا منهم فرددناه إليهم فسيجعل الله له فرجًا ومخرجًا".

وأما الشرط الذي يمنع المسلمين من العمرة هذا العام ويؤجلها إلى العام الذي يليه، فقد ظن البعض من المسلمين أنه يخالف الرؤيا التي رآها الرسول -صلى الله عليه وسلم- ووعد أصحابه تحقيقها، وهي أنهم سوف يدخلون المسجد الحرام -إن شاء الله- آمنين محلقين رءوسهم ومقصرين، وغفل هؤلاء عن أمر مهم وهو أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يحدد زمنًا خاصًّا لدخول المسلمين إلى المسجد الحرام..

ومهما يكن من شيء فقد كتبت شروط الصلح بين الطرفين، وكان الكاتب علي بن أبي طالب، فأملاه -عليه السلام: بسم الله الرحمن الرحيم، فقال سهيل: اكتب باسمك اللهم. فأمره الرسول -صلى الله عليه وسلم- بذلك، ثم قال: هذا ما صالح عليه محمد رسول الله، فقال سهيل: لو نعلم أنك رسول الله ما خالفناك اكتب، محمد بن عبد الله. فأمر -عليه السلام- عليًّا بمحو ذلك وكتابة محمد بن عبد الله. فامتنع فمحاها النبي -صلى الله عليه وسلم- بيده، وكتبت نسختان: نسخة لقريش ونسخة للمسلمين.


١ يعني هو شر أراحنا الله منه.

<<  <   >  >>