كان من آبائه ملك لقلت رجل يطلب ملك أبيه. وسألتك: أأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ فقلت: ضعفاؤهم. وهؤلاء هم أتباع الرسل. وسألتك: هل يزيدون أم ينقصون؟ فقلت: بل يزيدون. وكذلك الإيمان حتى يتم. وسألتك هل يرتد أحد منهم سخطة لدينه؟ فقلت: لا، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب. وسألتك: هل قاتلتموه؟ فقلت: نعم، وإن الحرب بينكم وبينه سجال.
وكذلك الرسل تبتلى ثم تكون لهم العاقبة. وسألتك: بماذا يأمر؟ فزعمت: أنه يأمر بالصلاة والصدق والعفاف والوفاء بالعهد وأداء الأمانة. وسألتك: هل يغدر؟ فذكرت: أن لا. وكذلك الرسل لا تغدر. فعلمت أنه نبي. وقد علمت أنه مبعوث، ولم أظن أنه فيكم، وإن كان ما كلمتني به حقًّا فسيملك موضع قدمي هاتين، ولو أعلم أني أخلص إليه لتكلفت ذلك.
قال أبو سفيان: فعلت أصوات الذين عنده وكثر لغطهم، فلا أدري ما قالوا وأُمر بنا فأخرجنا ... فلما خرج أبو سفيان مع أصحابه قال: لقد بلغ أمر ابن أبي كبشة١ أن يخافه ملك بني الأصفر.
ولما سار هرقل إلى حمص أذن لعظماء الروم أن يلتقوا به، ثم أمر بالأبواب، فأغلقت، ثم قال: يا معشر الروم، هل لكم في الفلاح والرشد، وأن يثبت ملككم، فتبايعوا هذا النبي؟
فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب، فوجدوها مغلقة.
فلما رأى الملك نفرتهم قال: ردوهم علي، فقال لهم: إني قلت مقالتي كي أختبر بها شدتكم على دينكم.
١ يعني النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي سبب هذه التسمية أقوال.