للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عمره. فاشتدت غيرة سارة، وتلك طبيعة النساء ولم تطق رؤية هاجر وطفلها إسماعيل، فصارحت إبراهيم -عليه السلام- بما تجده في نفسها، وطلبت إليه: أن يأخذ هاجر وطفلها إلى أرض بعيدة عنها حتى لا تراهما. فتردد إبراهيم في الأمر شفقة منه على ابنه الصغير، ولكن الله أوحى إليه أن ينفذ رغبة سارة، فأخذ هاجر وطفلها بأمر من الله وانتقل إلى شبه الجزيرة العربية حتى وصل بها إلى المكان الذي نبعت فيه بئر زمزم، وكان واديًا مجدبًا لا زرع فيه ولا ثمر. ولما هم بالرحيل قالت له هاجر: إلى من تكلنا؟ قال: إلى الله، وأستودعكما إياه.

فقالت: الله أمرك بهذا؟.

قال: نعم.

قالت: إذن لا يضيعنا.

ثم انصرف إبراهيم من عندهما وهو يقول: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنْ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنْ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} ١.

وبقيت هاجر مع طفلها فنصبت لنفسها عريشًا وكان معها شيء من الطعام والشارب قد تركه معها زوجها إبراهيم، ولما نفد ما لديهما من الماء عطش إسماعيل عطشًا شديدًا، فجعلت أمه تبحث له عن ماء وأخذت تتردد بين الصفا والمروة سبع مرات لم تجد شيئًا فرجعت آسفة حزينة.

ولكن حزنها لم يلبث أن انقلب سرورًا واطمئنانًا حين رأت الماء ينبع من


١ سورة إبراهيم، الآية ٣٧.

<<  <   >  >>