للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بيني وبين ناقتي، فإني أرفق بها منكم وأعمل فتوجه لها بين يديها، فأخذ لها من قمام الأرض فردها، حتى جاءت واستناخت، وشدَّ عليها رحلها واستوى عليها، وإني لو تركتكم حيثُ قال الرجل ما قال فقتلتموه دخل النار"١.

وأما تواضعه عليه السلام مع ما أكرمه الله به من النبوة ورفعة الدرجة والمكانة. فقد كان أشد الناس تواضعًا وأبعدهم عن الكبرياء والغرور، ولا غرو فقد خيَّره الله أن يكون نبيًا ملكًا أو نبيًّا عبدًا، فاختار أن يكون نبيًّا عبدًا.

وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوما متوكئا على عصاه فقاموا، فقال: "لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظم بعضهم بعضا" ٢. وقال: "إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد" ٣. وكان يقول: "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد الله ورسوله" ٤.

وأما عن زهده فقد نظر إلى الدنيا على أنها وسيلة وممر، ونظر إلى الآخرة


١ لم أقف عليه من وجه صحيح، وانظر الشفا للقاضي عياض ١/ ٢٥٣ ومناهل الصفا للحمزاوي ٢.
على أنه يوجد في الأحاديث الصحيحة ما يغني عن مضمونه.
٢ أخرجه ابن أبي شيبة ٨/ ٥٨٥ وأبو داود ٥٢٣٠، والقاضي عياض في الشفاء ١/ ١٣٠، والسمعاني في أدب الإملاء ٣٤، والطبراني في الكبير ٨/ ٣٣٤، وابن حبان في المجروحين ٣/ ١٥٩ وآخرون منهم أحمد في المسند ٥/ ٢٥٣ وغيرهما ولكن يغني عنه ما أخرجه مسلم ١/ ٣٠٩ عن جابر قال: اشتكى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فصلينا خلفه وهو قاعد ... الحديث وفيه: "إن كدتم لتفعلوا فعل فارس والروم، يقومون على ملوكهم وهم قعود، فلا تفعلوا ... ".
وفي الباب غير حديث جابر أيضًا.
٣ جاء الحديث من أوجه يصح بها، وانظر: اتحاف السادة المتقين ٥/ ٢١٤، ٧/ ١١٦، ٨/ ٣٩٣، والزهد لابن المبارك ص ٥٥٣، والكامل لابن عدي ٥/ ١٩٧١، وتاريخ أصفهان ٢/ ٢٧٣، وغير ذلك.
٤ صحيح البخاري ٦٤٤٢ من حديث ابن عباس.

<<  <   >  >>