وثالثها: أنه ذكر محمدًا باللفظ الصريح المتكرر وقال إنه رسول الله.
ورابعها: أنه بين أن المسيح -عليه السلام- لم يصلب ولكن شبه لهم. فألقى الله شبهه على يهوذا الإسخريوطي.
وفي ذلك يقول برنابا: إن صوت يهوذا ووجهه وشخصه بلغت من الشبه بيسوع أن اعتقد تلاميذه والمؤمنون به كافة أنه يسوع المسيح.
وهكذا يخالف إنجيل برنابا بقية الأناجيل في هذه الأمور الجوهرية وفي خصائص المسيحية التي عرفت بها. ذلك بأن المسيحية قد عرفت بالتثليث بنبوة المسيح وألوهيته. وكان هذا شعارها الذي به تعرف وعلامتها التي بها تتميز.
ومن أجل ذلك أحدث ظهور هذا الإنجيل رجة فكرية عنيفة، ورفضته الكنيسة رفضًا نهائيًا. ولم يعد من الأناجيل المعتمدة لدى الكنيسة المسيحية١.
وقد اختلف المؤرخون في مبدأ دخول المسيحية في بلاد العرب، ولكن المرجح أنها دخلت ببطء شديد وأنها دخلت عن طريق الاتصالات التجارية بين بلاد العرب والبلاد المجاورة لهم، وأن ذلك بدأ منذ أوائل القرن الرابع الميلادي وأنها انتشرت في بلاد العرب بعد انتهاء هذا القرن. وكانت الحيرة أهم مراكز المسيحية في بلاد العرب. وكان أهم سكانها هم الطائفة المعروفة بالعبادة. ثم دخلت النصرانية إلى بلاد اليمن على أيدي الأحباش الذين استعمروها وحاولوا أن ينشروا المسيحية فيها فبنوا بها كنيسة كبرى في صنعاء، وأرادوا أن يجعلوها مركزًا للديانة المسيحية، وحاولوا هدم الكعبة في عام الفيل، ولكن محاولتهم باءت بالفشل الذريع، كما أشرنا إلى ذلك لدى كلامنا عن البيت العتيق.