لأم موسى وعده، فرجع إليها ولدها لكفله ويتمتع بحنانها، وينعم بعطفها وتقر به عينها، ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق.
٣ - هذه حلقة أولى من حياة موسى، كلها عبر وعظات وآيات بينات على سنته تعالى في إعداد أنبيائه قبل الرسالة فمنها:
أولا: أن الله سبحانه وتعالى جعل نجاته مما أصاب غيره من أبناء قومه فيما يراه الناس دمارا وإلقاء بالنفس إلى التهلكة {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ} .
ثانيا: أن الله سبحانه كتب لموسى حياة سعيدة في بيت من يخشى عليه منهم، فعاش بين أظهرهم عيشة الملوك {وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} .
ثالثا: أن الله حرم عليه تحريما كونيا أن يرضع من امرأة سوى أمه، فكان ذلك فيما يرى الناس بلاء أحاط به، وهم لا يشعرون، فاجتمع له إلى السلامة والنجاة عطف الأمهات وعز الملوك، {وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} .
٤ - وهناك سلسلة أخرى من حياة موسى قبل الرسالة تضمنت الكثير مما حباه الله به من العلم والحكمة والمروءة والنجدة ونصر المظلوم والأخذ على يد الظالم والعطف على الضعيف وقوة الإيمان بالله والصدق في الالتجاء إليه والتوكل عليه