فنوع تكليمه إلى تكليم بواسطة، وتكليم بغير واسطة، وكذلك قوله لموسى عليه السلام:{إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي} ففرق بين الرسالة والكلام، والرسالة إنما هي بكلامه، وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:«إنكم ترون ربكم عيانا كما ترون القمر ليلة البدر في الصحو ليس بينه سحاب، وكما ترون الشمس في الظهيرة صحوا ليس دونها سحاب» .
ومعلوم أن هذا البيان، والكشف، والاحتراز ينافي إرادة التأويل قطعا، ولا يرتاب في هذا من له عقل ودين.
ثم قال: الطريق الثاني لإثبات الصفات هو دلالة الصنعة عليها، فإن المخلوق يدل على وجود خالقه، على حياته وقدرته وعلى علمه ومشيئته، فإن الفعل الاحتياري يستلزم ذلك استلزاما ضروريا وما فيه من الإتقان والإحكام، ووقوعه على أكمل الوجوه يدل على حكمة فاعله وعنايته، وما فيه من الإحسان والنفع ووصول المنافع العظيمة إلى المخلوق يدل على رحمة خالقه وإحسانه وجوده، وما فيه من آثار الكمال يدل على أن خالقه أكمل منه، فمعطي الكمال أحق بالكمال، وخالق الأسماع والأبصار والنطق أحق بأن يكون سميعا بصيرا متكلما، وخالق الحياة والعلوم والقدرة والإرادات أحق بأن يكون هو كذلك في نفسه، فما في المخلوقات من أنواع التخصيصات هو من أدل شيء على إرادة