للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"فالعجمي ليس كفئًا لعربية, وغير القرشي من العرب ليس كفئًا لقرشية, وكذلك غير الهاشمي والمطلبي من قريش ليس كفئًَا للهاشمية والمطلبية, والعفة: "فليس الفاسق كفئًا للعفيفة"، والحرفة "فصاحب حرفة دنيئة ليس كفئًا لبنت صاحب حرفة رفيعة ولو نسبيًّا "فالخياط والتاجر لا يكافئان ابنة العالم والقاضي نظرًا للعرف في ذلك".

والأصح عندهم: أن اليسار لا يعتبر؛ لأن المال غادر ورائح ولا يفتخر به أهل المروءات والبصائر، ومقابله يعتبر؛ لأنه إن كان معسرًا تضررت هي به وبعدم إنفاقه عليها وعلى الولد١.

وعند الحنابلة: أن المعتبر في الكفاءة "على الرواية التي تذهب إلى اشتراط الكفاءة" هو الدين والنسب. وروى الإمام أحمد أيضًا: أنها تعتبر في الحرية والصناعة واليسار٢.

والحق أن من يعطي الزوجة وأولياءها الحق في التمسك بالكفاءة والمساواة في النسب والمال ونحوه إنما ينظرون إلى غايةٍ ساميةٍ وحكمة جديرة بالتأمل، وذلك أن عقدة النكاح تتم على أساس الارتباط الدائم, فلا بُدَّ للزوجية الصالحة من التوافق في الطبع، والتلاؤم في الوضع، والتشابه في المركز الاجتماعي, والتقارب في المستوى الثقافي، حتى نضمن للزوجين حياةً مستقرةً هادئةً ملؤها الود والإخلاص وقوامها الاحترام والتقدير.

أما إذا كان الزوج دون الزوجة حالًا وأقل مالًا وأحط نسبًا وأدنى ثقافةً وعلمًا؛ فهيهات أن يكون هناك انسجام ووئام، وهيهات أن يمضي يوم بدون شقاق وخصام، وهيهات أن يرفع الرجل أمام المرأة رأسًا، أو يظهر -وهو القوام عليها- حمية وبأسًا، وبذلك تسوء الحال، ويكون أمر هذه الزوجية إلى زوال.


١ المحلى على المنهاج جـ٣/ ٢٣٤، ٢٣٥، ٢٣٦.
٢ المغني جـ٦/ ٤٨٢.

<<  <   >  >>