للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: ما الحكم إذا كان المسمى منفعة؟]

صحة المهر حالًا ومؤجلًا:

يجوز أن يكون المهر المسمى حالًا كما يصح أن يكون مؤجلًا, وكذلك يجوز بعضه حالًا وبعضه مؤجلًا؛ إذ حكمه كالثمن في عقد البيع، والأجرة في عقد الإجارة والمعول عليه في التفرقة بين الحال والمؤجل هو ذكر الوقت، فإن أهملا ذكر وقت التأجيل فإنما يكون قصدهما الحلول١.

الحكم فيما إذا كان المسمى منفعة:

يذهب جمهور الفقهاء إلى صحة انعقاد النكاح مقابل منفعة يقدمها الزوج لزوجته، إذا كانت هذه المنفعة معلومة لهما مثل أن يقوم ببناء دار لها، أو خياطة ثوب، أو عمل في مزرعتها، أو يعلمها صناعة أو حرفة، أو سورًا من القرآن, ونحو ذلك، مستدلين بما ورد في القرآن الكريم في قصة إنكاح شعيب ابنته لموسى -عليهما السلام- مقابل خدمته له مدة من الزمن, فقال جل شأنه على لسان شعيب -عليه السلام: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ ... } ٢, وكذلك بحديث الواهبة نفسها حين قال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في نهاية الحديث: "زوجتكها بما معك من القرآن" وقد تقدَّمَ، ولأن مثل الأعمال المتقدمة منافع معلومة يجوز أخذ الأجرة عنها٣.

وذهب بعض الفقهاء إلى عدم جواز المنفعة صداقًا؛ لأن المشروع من المهر هو


١ المغني جـ١٠/ ١١٥ طبعة الأمير تركي.
٢ سورة القصص ٢٧.
٣ المغني جـ١٠/ ١٠٣، ١٠٤.

<<  <   >  >>