للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: ما يصح من الألفاظ في عقد النكاح وما لا يصح]

الفقهاء متفقون على صحة النكاح إذا وقع بلفظي النكاح والتزويج وما اشتق منهما, ولكنهم اختلفوا فيما إذا وقع بغير هذين اللفظين من كل ما يدل على التأبيد لعقد النكاح؛ كلفظ بعت وملكت، فذهب فريق إلى عدم صحة العقد بذلك؛ لأن النصوص الشرعية لم تستعمل في عقد النكاح إلّا هذين اللفظين, مثل قوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} الآية١, وفي الحديث الشريف: "زوجناكها بما معك من القرآن" ٢, فاستعمال غيرهما يحتاج إلى دليل ولم يوجد٣, وذهب فريق آخر إلى صحة النكاح بكل لفظ دالٍّ على النكاح، ففي الحديث الشريف في حق المرأة الواهبة نفسها, حين زوجت للفقير الذي لم يجد خاتمًا من حديد: "اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن" أخرجه الإمام البخاري٤. وعلى ذلك فكل ما يدل على التمليك والتأبيد في النكاح من الألفاظ المشتملة على ما يفيد المقصود من العقد يصح النكاح به٥.

والرأي الثاني هو الذي يتفق مع روح الشريعة؛ إذ لم يرد حصرٌ للألفاظ التي يصح بها عقد النكاح في النصوص الشرعية، ثم إن المعول عليه في العقود هو الرضا, وهو متوفر في عقد النكاح أكثر منه في غيره لتعدد مراحله.


١ سورة الأحزاب الآية ٥٠.
٢ متفق عليه في "النكاح" من الصحيحين.
٣ مغني المحتاج جـ٣/ ١٣٩, الفروع لابن مفلح جـ٥/ ١٦٩, ط عالم الكتب.
٤ صحيح البخاري مع فتح الباري جـ١١/ ٨٧.
٥ العناية على الهداية مع فتح القدير جـ٣/ ١٠٨, والخرشي جـ٣/ ١٧٣.

<<  <   >  >>