للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: انعقاد النكاح بغير العربية، وما يشترط في المترجم]

الفرع الأول: انعقاد النكاح بغير العربية

يذهب جمهور الفقهاء إلى صحة انعقاد عقد النكاح بغير العربية مطلقًا, سواء كان قادرًا على العربية أم لا١, خلافًا لمن قصر ذلك على حالة العجز عن النطق بالعربية؛ إذ لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها٢ وموقف الجمهور أيسر وأوسع؛ لأن الإيجاب والقبول وما يحف بهما من القرائن وسيلة إلى تبين حقيقة الرضا من الطرفين, والناطقان للصيغة بغير العربية يمكنهما الوصول إلى هذه الحقيقة كالناطقين بالعربية, والقاعدة في العقود -ومنها عقد النكاح- أن العبرة بالمعاني وليس بالألفاظ, ومن جهة أخرى: فإن الإسلام قد انتشر الآن بين الأقطار كلها, ولا أظن شعبًا ما ليس به عدد من المسلمين، وعقد النكاح من العقود السائدة بين الجميع, فلا ينبغي التشديد في إجراءاته حتى لا يصير طقسًا من الطقوس، ويكفي هؤلاء أن يتعلموا من العربية ما يصححون به عبادتهم, أما عقد النكاح فلهم أن يباشروه بلغاتهم الأصلية حتى يستطعيوا التعرف على أركانه وأسراره، وما يترتب عليه من التزامات.

الفرع الثاني: في الحاجة إلى المترجم، وهل يشترط فيه التعدد؟

تظهر الحاجة إلى المترجم إذا اختلف اللسان بين طرفي عقد النكاح أو بين أحدهما وبين الشاهدين, أو بين أحد من هؤلاء وبين الموثق.

لم يزد الفقهاء فيما يشترط في المترجم في باب النكاح عن شرط واحد، وهو أن يكون ثقة٣, والثقة هو من يطمئن السامع إلى ما يخبر به، وإذا كان المعول عليه هو المترجم الثقة فلا يضر بعد توفر هذا الشرط أن يكون ذكرا أو أنثى متعددا ما دام ذلك في عقد النكاح.


١ فتح القدير جـ٣/ ١٠٢، مغني المحتاج جـ٣/ ١٤٠.
٢ المغني جـ٦/ ٥٣٣ مطبعة عاطف وسيد وشركاهما بالقاهرة، وكشاف القناع جـ٥/ ٣٨، ٣٩.
٣ مغني المحتاج جـ٣/ ١٥٧، ١٥٨، وكشاف القناع جـ٥/ ٤٩.

<<  <   >  >>