للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبناءً على ذلك, فمن استشير في خاطب أو مخطوبة, وكان يعرف بعض مساوئ من استشير فيه, فهل يذكر هذه المساوئ؟ وهل يأثم إذا لم يذكرها؟

والجواب: إن ذلك يدخل في باب النصيحة لقوله -صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة" ١, ولكنه آكد من النصيحة العامة؛ لأن المستشير سيعتمد على المعلومات التي سيتلقاها من المستشار، وقد قال -صلى الله عليه وسلم: "المستشار مؤتمن" ٢, لكن يجب أن يحذر المستشار من الاستطراد بذكر ما لا حاجة إليه؛ لأنه سيدخل حينئذ في باب الغيبة.

ومعنى هذا أنه سيقتصر على ما تمس الحاجة إليه, فإن استطاع صرف الخاطب المستشير أو الخاطبة المستشيرة بعبارةٍ عامَّةٍ دون ذكر المساوئ بالتفصيل, فعليه أن يقتصر على ذلك؛ كأن يقول: لا تصلح لك مصاهرة فلان، أو لا يصلح لكِ زوجًا, فإن كان لا يقتنع إلّا بذكر شيء من المساوئ بالتفصيل، وعلم أن ذكر بعضها كافٍ، فعليه أن يقتصر عليه، فإن تجاوزه إلى غيره وقع في المحظور.

وإذا استشير في نفسه, وعلم أن له بعض العيوب؛ كالبخل وحِدَّة الطبع ونحوهما, فإنه يطالب بذكر ذلك حتى تكون زوجة المستقبل على بينة بأخلاقه, فإن كانت لها قدرة على التكليف فلها أن تقبله، وإلا ردت خطوبته.

إذا علم عيبًا بأحد الطرفين, فهل يذكره للآخر ولو لم يستشر؟

تفاوت الفقهاء في ذلك ما بين قائلٍ بالوجوب وقائل بالندب، والأقرب القول بالندب؛ لأن ذلك من باب النصيحة العامة, وهي إذا لم تتعين صارت مندوبة٣.

والأصل الخاص المعول عليه في هذا الباب هو حديث فاطمة بنت قيس حين أشار عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- بنكاح أسامة بدلًا من نكاح معاوية وأبي جهم، ثم ذكر لها عيب


١ صحيح مسلم, كتاب الإيمان، سنن أبي داود جـ٣/ ٥٨٣.
٢ سنن أبي داود جـ٢/ ٦٢٦.
٣ مغني المحتاج جـ٣/ ١٣٧.

<<  <   >  >>