ولهذا جعل بناء الأسرة يتم على مراحل متعددة تبدأ من حسن الاختيار إلى الخطبة إلى العقد إلى الدخول ... كل ذلك حتى يتأكَّدَ طرفاها من متانة البنيان وقوته ليستطيعا مواجهة أعاصير الحياة.
ثم رتَّبَ لكل طرف حقوقه وواجباته لدى الطرف الآخر, وأخذ عليهما الميثاق الغليظ للوفاء بهذه الحقوق, والقيام بتلك الواجبات.
ووزَّعَ كذلك بينهما الأعباء التي يجب على كلٍّ منهما أن يتحمَّلها في الأسرة؛ حيث يتولى أحدهما عمل كل الأسباب التي توفر الحياة الكريمة لأفراد الأسرة, وعلى الطرف الآخر أن يوفر عوامل الاستقرار والسكينة لأفراد الأسرة داخل المنزل.
كذلك رسم الطريق الصالح الذي تعالج به المشكلات التي قد تنشأ بين طرفي الأسرة, وجعلها على مراتب متعددة حسب نوع المشكلة وظروف كل أسرة.
فإذا تعقَّدت الأمور وصعُبَ حلّها, جعل لها مخرجًا كريمًا لكلٍّ منهما, ثم رتَّبَ لكلٍّ منهما الحقوق التي يجب عليه الوفاء بها, والتي يقتضيها التسريح بالمعروف حفاظًا على ما كان من ودٍّ وحسن عشرة، لعل الله أن يحدث بعد ذلك في القلوب ما يجمعها بعد تنافر، ويؤلف بينهما بعد شتات.
رسم الإسلام هذا وغيره من التشريعات الحكيمة, والتوجيهات السديدة التي سيأتي الكلام عليها بالتفصيل في ثنايا هذا المنهج -إن شاء الله تعالى.