للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك١ قراءة حميد بن قيس٢: "سَوْفَ نَصْلِيهِمْ نَارًا"٣.

قال أبو الفتح: قد أتينا على ما في ذلك فيما مضى من هذا الكتاب آنفًا٤.

ومن ذلك قراءة الحسن فيما رواه عنه قتادة: "تعالُوا"٥ بضم اللام.

قال أبو الفتح: وجه ذلك أنه حذف اللام من تعاليت استحسانًا وتخفيفًا، فلما زالت اللام من "تعالى" ضُمت لام تعال لوقوع واو الجمع بعدها، كقولك: تقدموا وتأخروا.

ونظير ذلك في حذف اللام استخفافًا قولهم: ما باليت به بالةً، وأصلها بالِيَة، كالعافية والعاقبة، ثم حذفت اللام كما ترى.

وذهب الكسائي في "آية" إلى أن أصلها: آيِيَة فاعلة، فحذفت اللام كما ذكرنا، ولو كانت إنما حذفت لام "تعالُوا" لالتقاء الساكنين كما حذفت لذلك في قولك للجماعة آمرًا: ترامَوا وتغازَوا؛ لبقيت العين مفتوحة دلالة على الألف المحذوفة، وكنحو قولك: اخشَوا واسعَوا، إذا أمرت الجماعة.

ونظير حذف اللام استحسانًا في هذه القراة قراءة الحسن أيضًا في قوله الله تعالى: "إِلَّا مَنْ هُوَ صَالُ الْجَحِيمِ"٦.

حدثنا بذلك أبو علي، وذهب إلى ما ذكرناه من حذف اللام استخفافًا، وإلى أنه يجوز أن يكون أراد: إلا من هو صالون الجحيم؛ فحذف النون للإضافة، وحذف "٤٤و" الواو التي هي عَلَم الجمع لفظًا لالتقاء الساكين، واستعمل لفظ الجمع حملًا على المعنى دون اللفظ، كقول الله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} ٧، وله نظائر، إلا أن الظاهر ما ذهب إليه أبو علي.

وأما حديث "تَعَالَ" والقول على ماضيه ومضارعه وتصرفه، ومن أين جاز استعمال لفظ العلو في التقدم، فأَمْرٌ يحتاج إلى فضل قول، وقد ذكرناه في غير هذا الموضع، إلا أن من جملته أنهم استعملوا لفظ التقدم والارتفاع على طريق واحد، من ذلك قولهم: قدَّمته إلى الحاكم، فهذا


١ سقط في ك من قوله: "ومن ذلك قراءة حميد" إلى قوله: "قراءة الحسن".
٢ هو حميد بن قيس الأعرج أبو صفوان المكي القارئ، ثقة، أخذ القراءة عن مجاهد بن جبر وعرض عليه ثلاث مرات، روى القراءة عنه سفيان بن عيينة وأبو عمرو بن العلاء وغيرهما، توفي سنة ١٣٠. طبقات القراء: ١/ ٢٦٥.
٣ سورة النساء: ٥٦، وفي الأصل: "ونصليهم نارًا" وهو تحريف.
٤ انظر الصفحة ١٨٦ من هذا الجزء.
٥ سورة النساء: ٦١.
٦ سورة الصافات: ١٦٣.
٧ سورة يونس: ٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>