للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومحال أن يجلس الفارس موضع عرض الرمح من أدنى معرفة الفرس، فافهم بما ذكرنا ما مضى.

ومن ذلك قراءة الأعمش: "لَوُ اسْتَطَعْنَا"١ بضم الواو.

قال أبو الفتح: شبهت واو "لو" هذه بواو جماعة ضمير المذكرين، فضُمت كما تلك مضمومة في قول الله تعالى: {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ} ٢، وكذلك شبهت واو الجمع هذه بواو "لو" فكُسرت؛ وذلك على من قرأ: "فَتَمَنَّوِا الْمَوْتَ"، و"الَّذِينَ اشْتَرَوِا الضَّلالَةَ"٣.

وهناك قراءة أخرى: "اشتروَا٤ الضلالة" بفتح الواو لالتقاء الساكنين، فلو قرأ قارئ متقدم: "لوَ استطعنا" بفتح الواو لكان محمولًا على قول من قال: "اشْتَرَوَا الضَّلالَةَ"، فأما الآن فلا عذر لأحد أن يرتجل قراءة وإن سوغتها العربية، من حيث كانت القراءة سُنة متَّبعة.

ومن ذلك ما رواه ابن وهب عن حرملة بن عمران أنه سمع محمد بن عبد الملك يقرأ: "لَأَعدُّوا له عُدَّهُ"٥.

قال أبو الفتح: المستعمل في هذا المعنى العُدَّة بالتاء، ولم يمرر بنا في هذا الموضع العُدّ، إنما العُدّ: البَثْر يخرج في الوجه.

وطريقه أن يكون أراد: ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدته: أي تأَهبوا له، إلا أنه حذف تاء التأنيث وجعل هاء الضمير كالعوض منها. وهذا عندي أحسن مما ذهب إليه الفراء في معناه؛ وذلك أنه ذهب في قول الله تعالى: {وَإِقَامَ الصَّلاةِ} ٦ إلى أنه أراد: إقامة الصلاة، إلا أنه حذف هاء الإقامة لإضافة الاسم إلى الصلاة.

وإنما صار ما ذهبتُ إليه أقوى لأني أقمت الضمير والمجرور مُقام تاء التأنيث، والمضمر المجرور شديد الحاجة إلى ما جره من موضعين: "٧٠ظ" أحدهما: حاجة المجرور إلى ما جره، ألا تراه لا يُفصل بينهما ولا يُقدم المجرور على ما جره؟ والآخر: أن المجرور في "عُدَّهُ" مضمر، والمضمر


١ سورة التوبة: ٤٢.
٢ سورة البقرة: ٩٤، وسورة الجمعة: ٦.
٣ سورة البقرة: ١٦.
٤ قراءة "اشتروَا" بفتح الواو هي قراءة أبي السمال قعنب، كما في البحر: ١/ ٧١.
٥ سورة التوبة: ٤٦.
٦ سورة النور: ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>