للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من قرأ: "يا أبَتَ"١. قال أبو عثمان يريد: يا أبتاه، وقد ذكرنا حذف الألف فيما مضى، وأنشدنا البيت الذي أنشده أبو الحسن وابن الأعرابي جميعًا:

فلستُ بمدرِك ما فات مني ... بلهفَ ولا بِلَيْتَ ولا لو اني٢

أراد: بهلفا، وغَيَّره.

وقراءة السدي: "ابناه" يريد بها الندبة، وهو معنى قولهم: "الترثِّي، وهو على الحكاية؛ أي قال له: يا ابناه، على النداء. ولو أراد حقيقة الندبة لم يكن بُد من أحد الحرفين: يا ابناه، أو واابناه، كقولك فيها: وازيداه، ويازيداه.

وأما "ابْنَهْ" بجزم الهاء، فعلى اللغة التي ذكرناها لأزد السراة في نحو قوله:

ومِطْواي مشتاقان لَهُ أَرِقَانِ٣

ومن قراءة الأعمش بخلاف: "على الْجُودِي" خفيف.

قال أبو الفتح: تخفيف ياءَي الإضافة قليل إلا في الشعر. أنشدنا أبو علي:

بَكِّي بعينكِ واكفَ القطر ... ابن الحواري العالي الذِّكْر٤

يريد: "الحواريّ". ورُوي عنهم: لا أكلمك حِيْرِيْ دهر بتخفف الياء، يريد: حِيْرِيّ دهر، وهذا في النثر، فعليه قراءة الأعمش: "الْجُودِي" خفيفًا.

ومن ذلك قراءة محمد بن زياد٥ الأعرابي: "فَضَحَكَتْ"٦ فتحًا.

قال أبو الفتح: روى ابن مجاهد قال: قال أبو عبد الله بن الأعرابي: الضَّحْك: هو الحيض، وأنشد "٧٨و":

ضَحْكُ الأرانب فوق الصفا ... كمثل دم الجوف يوم اللِّقا٧


١ سورة يوسف: ٤، وقرأ بهذه القراءة ابن عامر وأبو جعفر والأعرج. البحر: ٥/ ٢٧٩، والإتحاف: ١٥٨.
٢ انظر الصفحة ٢٧٧ من هذا الجزء.
٣ انظر الصفحة ٢٤٤ من هذا الجزء.
٤ لابن قيس الرقيات في رثاء مصعب بن الزبير. ويروى: "بدمعك" مكان "بعينك". النوادر: ٢٠٥.
٥ هو محمد بن زياد الأعرابي أبو عبد الله مولى العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس. كان ناسبًا نحويًّا كثير السماع رواية لأشعار القبائل كثير الحفظ. لم يكن بين الكوفيين أشبه برواية البصريين منه. توفي سنة ٢٣١، وقيل غير ذلك. إنباه الرواة: ٣/ ١٢٨ وما بعدها.
٦ سورة هود: ٧١.
٧ انظر: اللسان "ضحك".

<<  <  ج: ص:  >  >>