للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو الفتح: قد سبق القول على سكون هذه الهاء فيما مضى١.

ومن ذلك قرأ: "فِي يَوْمٍ ذِا مَسْغَبَةٍ٢" - الحسن وأبو رجاء.

قال أبو الفتح: هو منصوب، ويحتمل نصبه أمرين:

أظهرهما أن يكون مفعول "إطعام"، أي: وأن تطعموا ذا مسغبة، "ويتيما" بدل منه، كقولك: رأيت كريما رجلا. ويجوز أن يكون يتيما وصفا لذا مسغبة، كقولك: رأيت كريما عاقلا، وجاز وصف الصفة الذي هو كريم؛ لأنه لما لم يجز على موصوف أشبه الاسم، كقولك الأعشى:

وبيداء تحسب آرامها ... رجال إباد بأجيادها٣

فقوله: "تحسب" صفة لبيداء، وإن كانت في الأصل صفة. وكذلك قول رؤبة:

وقاتم الأعماق خاوي المخترق٤

فقوله: خاوي المخترق صفة لقوله: قاتم الأعماق، وهو صفة لموصوف محذوف، أي: وبلد قاتم قاتم الأعماق، كما أن قوله: "وبيداء، ورب بيداء، ورب بلدة بيداء. فاعرف ذلك، فهذا أحد وجهي قوله: "ذِا مَسْغَبَةٍ".

والآخر أن يكون أيضا صفة، إلا أنه صفة لموضع الجار والمجرور جميعا، وذلك أن قوله {فِي يَوْمٍ} ظرف، وهو منصوب الموضع، فيكون وصفا له على معناه دون لفظه، كما جاز أن يعطف عليه في معناه دون لفظه في قوله:

ألا حي ندماني عمير بن عامر ... إذا ما تلاقينا من اليوم أوغدا٥ [١٦٧و]


١ انظر الصفحة ٢٤٤، والصفحة ٣٢٣ من الجزء الأول.
٢ سورة البلد: ١٤.
٣ من قصيدة في مدح سلامة ذي فائش بن يزيد الحميري. ويروى "بأجلادها" مكان "بأجيادها". والآرام: حجارة تنصب في الصحراء ليهتدي بها المسافر. وأجلاد الإنسان: جسمه وبدنه، وخص أيادا بالذكر لأنها توصف بضخامة الأجسام. وانظر ديوان الشاعر: ٧١.
٤ انظر الصفحة ٨٦ من الجزء الأول.
٥ البيت لكعب بن جعيل، كما في الكتاب ١: ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>