أولاً: إن تفسير الأيام المعلومات في الآية:} وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ {محل خلاف بين أهل العلم، وتفسيرها بأنها يوم النحر ويومان بعده، هو أحد أقوال أهل العلم في تفسيرها. وهنالك أقوال أخرى في ذلك، منها:
أ. الأيام المعلومات أيام العشر الأول من ذي الحجة، قاله ابن عباس، وعلَّقهُ البخاري عنه بصيغة الجزم. وروي مثله عن أبي موسى الأشعري ومجاهد وقتادة وعطاء وسعيد بن جبير والحسن وغيرهم.
ب. الأيام المعلومات يوم النحر وثلاثة أيام بعده، وروي عن ابن عباس أيضاً، ونقل عن ابن عمر وإبراهيم النخعي، وإليه ذهب الإمام أحمد بن حنبل في رواية عنه.
ج. الأيام المعلومات يوم النحر ويومان بعده، وهو منقول عن الإمام مالك.
د. الأيام المعلومات يوم عرفة ويوم النحر ويوم آخر بعده، ونقل عن أبي حنيفة. (١)
فقولهم ليس بأولى من قول غيرهم في الأيام المعلومات.
ثانياً: قال ابن القيم: [وأما نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث، فلا يدل على أن أيام الذبح ثلاثة فقط؛ لأن الحديث دليل على نهي الذابح أن يدخر شيئاً فوق ثلاثة أيام من يوم ذبحه فلو أخر الذبح إلى اليوم الثالث، لجاز له الادخار وقت النهي ما بينه وبين ثلاثة أيام.
والذين حددوه بالثلاث، فهموا من نهيه عن الادخار فوق ثلاث أن أولها من يوم النحر.
قالوا: وغير جائز أن يكون الذبح مشروعاً في وقت يحرم فيه الأكل.
قالوا: ثم نسخ تحريم الأكل فبقي وقت الذبح بحاله.
فيقال لهم: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينه إلا عن الادخار فوق ثلاث، لم ينه عن التضحية بعد ثلاث، فأين أحدهما من الآخر، ولا تلازم بين ما نهى عنه، وبين اختصاص الذبح بثلاث لوجهين:
(١) تفسير ابن كثير ٣/ ٢١٦ - ٢١٧، تفسير فتح القدير ٣/ ٢٠٥، التفسير الكبير ٢٣/ ٢٩، أضواء البيان ٥/ ٣٤٤.