للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حيث إنه قد ثبت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يضحي كل عام كما ذكره ابن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقام بالمدينة عشر سنين يضحي) وسيأتي.

وهذا يعني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يترك الأضحية قط، حتى إنه كان يضحي في السفر، كما ثبت في حديث ثوبان - رضي الله عنه - قال: (ذبحَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ضحيته ثم قال: يا ثوبان أصلح لحم هذه. فلم أزل أطعمه منها حتى قدم المدينة) رواه مسلم (١).

الثاني: اختلافهم في مفهوم الأحاديث الواردة في الأضحية، حيث إنه قد ثبت من حديث أم سلمة رضي الله عنها أنه عليه الصلاة والسلام قال: (إذا دخلت العشر، وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من ظفره شيئاً) رواه مسلم.

فقوله (وأراد أحدكم أن يضحي) فيه دليل على أن الأضحية متروكة لإرادة المسلم ورغبته، وما كان كذلك لا يكون واجباً.

ولمَّا أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أبا بردة بن نيار - رضي الله عنه - بإعادة أضحيته إذ ذبح قبل صلاة العيد حيث

قال - صلى الله عليه وسلم -: (من كان قد ذبح قبل الصلاة فليعد) رواه البخاري ومسلم (٢).

فهم جماعة من الفقهاء من أمره - صلى الله عليه وسلم - الوجوب (٣).

أدلةُ الجمهور على أنَّ الأضحيةَ سنةٌ مؤكدةٌ، وليست واجبة:

١. حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره وبشره شيئاً) (٤).

قال الإمام الشافعي: [هذا دليل أن التضحية ليست بواجبة، لقوله - صلى الله عليه وسلم - (وأراد)، فجعله مفوضاً إلى إرادته ولو كان واجباً لقال - صلى الله عليه وسلم - (فلا يمس من شعره وبشره حتى يضحي) (٥).

٢. ما روي عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (ثلاث هن عليَّ فرائض ولكم تطوع، النحر والوتر وركعتا الضحى) رواه أحمد والبيهقي، وفي رواية أخرى عند البيهقي عن ابن عباس رفعه قال: (كُتِبَ عليَّ النحرُ ولم يكتبْ عليكم) (٦).


(١) صحيح مسلم بشرح النووي ٥/ ١١٦.
(٢) صحيح البخاري مع الفتح ١٢/ ١٠١، صحيح مسلم مع شرح النووي ٥/ ١٠٠.
(٣) انظر بداية المجتهد ١/ ٣٤٨.
(٤) سبق تخريجه.
(٥) مختصر المزني مع الأم ٨/ ٢٨٣، الحاوي ١٥/ ٦٧، المجموع ٨/ ٣٨٦.
(٦) الفتح الرباني ٢٢/ ٤١، سنن البيهقي ٩/ ٢٦٤.

<<  <   >  >>