للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مناقشة وترجيح:]

بعد إجالة النظر والفكر في أدلة العلماء في هذه المسألة، يظهر لي رجحان قول جمهور أهل العلم بأن الأضحية سنةٌ مؤكدةٌ، وليست واجبة.

ويوضح هذا الترجيح الأمور التالية:

١. إن الاستدلال بقوله تعالى:} فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ {، على وجوب الأضحية غيرُ مُسلَّم، لأن الآية محتملة، وقد اختلف العلماء في تفسيرها فمنهم من قال: أقم الصلاة المفروضة عليه كذا رواه الضحاك عن ابن عباس.

وقال قتادة وعطاء وعكرمة} فَصَلِّ لِرَبِّكَ {، صلاة العيد يوم النحر} وَانْحَرْ {نسكك.

وورد عن علي - رضي الله عنه - أن المعنى: ضع اليمنى على اليسرى حذاء النحر في الصلاة.

وقيل إن المعنى يرفع يديه في التكبير إلى نحره.

وقيل إن المعنى استقبل القبلة بنحرك.

وقيل إن المعنى ارفع يديك بالدعاء إلى نحرك. نقل كل هذه الأقوال وغيرها البيهقي والقرطبي (١).

وقال الشوكاني: [بأن المراد تخصيص الرب بالنحر له لا للأصنام، فالأمر متوجه إلى ذلك لأنه القيد الذي يتوجه إليه الكلام ولا شك في وجوب تخصيص الله بالصلاة والنحر] (٢).

وخلاصة الأمر أن الآية محتملة كما سبق، ولو سلمنا بدلالتها على النحر، فهي دالة على أن النحر بعد الصلاة فهي تعيين لوقت الذبح لا لوجوبه، كأنه يقول إذا نحرت فبعد صلاة العيد (٣).

٢. وأما الاستدلال بما ورد في حديث البراء، لما ذبح أبو بردة قبل الصلاة فقال له النبي

- صلى الله عليه وسلم -: (أبدلها).


(١) معرفة السنن والآثار ١٤/ ١٨ - ٢٠، تفسير القرطبي ٢٠/ ٢١٨ - ٢٢٠.
(٢) نيل الأوطار ٥/ ١٢٧.
(٣) انظر سبل السلام ٤/ ١٧٠.

<<  <   >  >>