للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهل ينفعها إن تصدقت عنها؟ قال: نعم. قال: فإني أشهدك أن حائطي المخراف صدقة عنها) وأمثال ذلك كثيرة في السنة.

وأما وصول ثواب الصوم ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من مات وعليه صيام صام عنه وليه).

وله نظائر في الصحيح، ولكن أبو حنيفة رحمه الله قال بالإطعام عن الميت دون الصيام عنه لحديث ابن عباس المتقدم والكلام على ذلك معروف في كتب الفروع.

وأما وصول ثواب الحج، ففي صحيح البخاري عن أن عباس رضي الله عنهما: (أن امرأة من جهنية جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها؟ قال: حجي عنها أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا الله فالله أحق بالوفاء) ونظائره أيضاً كثيرة.

وأجمع المسلمون على أن قضاء الدين يسقطه من ذمة الميت، ولو كان من أجنبي ومن غير تركته، وقد دل على ذلك حديث أبي قتادة: حيث ضمن الدينارين عن الميت فلما قضاهما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (الآن برَّدت عليه جلدته) وكل ذلك جار على قواعد الشرع، وهو محض القياس، فإن الثواب حق العامل، فإذا وهبه لأخيه المسلم لم يمنع من ذلك، كما لم يمنع من هبة ماله في حياته، وإبرائه له منه بعد وفاته، وقد نبه الشارع بوصول ثواب الصوم، على وصول ثواب القراءة ونحوها من العبادات البدنية.

يوضحه: أن الصوم كف النفس عن المفطرات بالنية، وقد نص الشارع على وصول ثوابه إلى الميت، فكيف بالقراءة التي هي عمل ونية؟!] (١).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: [ ... وهو - أي الميت - ينتفع بكل ما يصل إليه من كل مسلم، سواء كان من أقاربه أو غيرهم، كما ينتفع بصلاة المصلين عليه ودعائهم له عند قبره] (٢).


(١) شرح العقيدة الطحاوية ص ٥١٢ - ٥١٤، وانظر الروح ص١١٨ - ١٢٢، مجموع الفتاوى ٢٤/ ٣٦٦.
(٢) مجموع الفتاوى ٢٤/ ٣٦٧.

<<  <   >  >>