للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا مع أن جمهور فقهاء المذاهب الأربعة وغيرهم ذكروا ذلك في كتبهم فمنهم من صرَّح بذكر جواز الأضحية عن الميت، ومنهم من لم يصرح بذكرها بل أجملها مع غيرها من سائر القرب الخيرية، فممن صرح بذكرها عبد الله بن المبارك وأبو داود والترمذي وابن أبي شيبة والحاكم والقاضي ابن العربي وصاحب عون المعبود شرح سنن أبي داود والنووي وأبو الحسن العبادي وصاحب غنية الألمعي وصاحب مغني ذوي الأفهام وصاحب الإقناع وصاحب غاية المنتهى وصاحب كشّاف القناع وصاحب ردّ المحتار وصاحب الروضة وصاحب شرح الغاية وصاحب التوضيح وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم حيث

قال: وقد نبّه الشارع بوصول ثواب الصدقة عن الميت على وصول ثواب سائر العبادات المالية ونبّه بوصول ثواب الصوم على وصول ثواب سائر العبادات البدنية وأخبر بوصول ثواب الحج المركّب من المالية والبدنية فالأنواع الثلاثة ثابتة بالنص والاعتبار (١).

وقد سئل صاحب عون المعبود شرح سنن أبي داود هل ثبتت الأضحية عن الأموات ويصل ثوابها؟

فأجاب: الأضحية عن الميت سنة ويصل ثوابها إليه بلا مرية، ثم ساق الأحاديث الواردة في هذا الباب وهو ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يضحي عن أمته ممن شهد لله بالتوحيد وشهد له بالبلاغ وعن نفسه وعن أهل بيته ومن المعلوم أن بعض أمته - صلى الله عليه وسلم - ممن شهد لله بالتوحيد وله بالبلاغ قد ماتوا في عهده - صلى الله عليه وسلم - فالأموات والأحياء كلهم من أمته دخلوا في أضحية النبي - صلى الله عليه وسلم -، والكبش الواحد كما كان للأحياء من أمته فهو كذلك للأموات من أمته، بلا تفريق وهذا الحديث أخرجه الأئمة من طرق متعددة عن جماعات من الصحابة كجابر بن عبد الله وأبي طلحة الأنصاري وأنس بن مالك وعائشة أم المؤمنين وأبي هريرة وحذيفة بن أسيد وأبي رافع وعلي رضي الله عنهم أجمعين.

والمقصود أن حديث أضحية النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أمته روي من طرق متعددة وإسناد بعض طرقه صحيح، وبعض طرقه حسن قوي وبعض طرقه ضعيف، لكن لا يضر ضعف بعض الطرق فإن الطرق الضعيفة حينئذ تكون بمنزلة الشواهد والمتابعات، ثم إنه لو لم يأت في هذا الباب إلا رواية عائشة أم المؤمنين التي أخرجها أحمد ومسلم وأبو داود لكانت كافية


(١) المصدر السابق ص٤٠ - ٤١.

<<  <   >  >>