أولاً: قد قامت الأدلة الكثيرة من كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - على انتفاع الميت بسعي غيره، كما في قول الله عز وجل:} وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ {سورة الحشر الآية ١٠.
وقد صحت الأحاديث بذلك كما في الدعاء للميت في صلاة الجنازة، وبعد الدفن وعند زيارة القبور.
وكذلك الصدقة عن الميت كما في حديث سعد بن عبادة - رضي الله عنه - السابق، والأضحية عن الميت نوع من الصدقة عنه، فتصح عن الميت وينتفع بها إن شاء الله تعالى.
ثانياً: ثبتت الأحاديث الصحيحة في أضحية النبي - صلى الله عليه وسلم - عن نفسه وعن أمته، كما في حديث عائشة رضي الله عنها عند مسلم، وحديث جابر - رضي الله عنه - في السنن، وحديث أبي رافع في المسند.
وقد قال شارح العقيدة الطحاوية معلقاً على حديث أبي رافع في تضحية النبي - صلى الله عليه وسلم - بكبشين عنه وعن أمته:[والقربة في الأضحية إراقة دم، وقد جعلها لغيره](١).
ثالثاً: إن حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في تضحيته عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمره بذلك، الذي رواه أبو داود والترمذي وأحمد والبيهقي والحاكم، يصلح دليلاً للجواز مع أن بعض أهل الحديث قد ضعفه.
ولكن أبا داود سكت عنه واحتج به وخاصة أنه لم يرو في الباب غيره.
كما أن الحاكم قد صححه ووافقه الذهبي على ذلك، وصححه الشيخ أحمد محمد شاكر والتهانوي من علماء هذا العصر.
ثم لو سلَّمنا ضعف حديث علي هذا، فإن الأحاديث الصحيحة في تضحية النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أمته تشهد له.
وكذلك فإنه وإن كان ضعيفاً فيصح العمل به في هذه الفضيلة من فضائل الأعمال، ألا وهي الأضحية عن الميت، فإن ذلك يدخل تحت أصل صحيح ثابت، وهو انتفاع الميت بسعي غيره.