للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اجتمعت الإنس والجن كلهم، واتفقوا على أن يأتوا بمثل ما أنزله على رسوله، لما أطاقوا ذلك ولما استطاعوه، ولو تعاونوا وتساعدوا وتظافروا، فإن هذا أمر لا يستطاع، وكيف يشبه كلام المخلوقين كلام الخالق، الذي لا نظير له ولا مثال له، ولا عديل له؟! ". (١)

سادسًا: أبو إسحاق الإسفراييني (ت: ٤١٨ هـ)

فقد عدّها وجهًا من أوجه الإعجاز حيث قال في شرحه للمواقف:

"وقيل: إعجازه بالصَّرْفة، على معنى أن العرب كانت قادرة على كلام مثل القرآن قبل البعثة، لكن الله صرفهم عن معارضته، واختلف في كيفية الصرف، (فقال الأستاذ) أبو إسحاق منا، (والنظّام) من المعتزلة، (صرفهم الله عنها مع قدرتهم) عليها، وذلك بأن صرف دواعيهم إليها، مع كونهم مجبولين عليها، خصوصًا عند توفر الأسباب الداعية في حقهم، كالتقريع بالعجز، والاستنزال عن الرياسات، والتكليف بالانقياد، فهذا الصرف خارق للعادة، فيكون معجزًا ". (٢)

سابعًا: الراغب الأصبهاني (ت: ٤٢٥ هـ) حيث يقول:

"اعلم أن إعجاز القرآن ذكر من وجهين:

أحدهما: إعجاز يتعلق بنفسه.

والثاني: بصرف الناس عن معارضته" ثم يتبع ذلك بقوله: " فلما دعا الله أهل البلاغة والخطابة، الذين يهيمون في كل واد من المعاني - بسلاطة لسانهم - إلى معارضة القرآن، وعجزوا عن الإتيان بمثله، ولم يقصدوا لمعارضته، فلم يخف على ذوي البلاغة أن صارفًا إلهيًّا صرفهم عن ذلك، وأي إعجاز أعظم من أن يكون كافة البلغاء عجزوا في الظاهر عن معارضة مصروفة في الباطن عنها". (٣)

ثامنًا: أبو الحسن الماوردي (ت: ٤٥٠ هـ) قال في أعلام النبوة:

"الوجه العشرون من أوجه إعجازه: الصَّرْفة عن معارضته، واختلف من قال بها: هل صرفوا عن القدرة على معارضته مع دخوله في مقدورهم .. ؟ على قولين:

أحدهما: - إنهم صرفوا عن القدرة، ولو قدروا لعارضوا.

والقول الثاني: - إنهم صرفوا عن المعارضة مع دخوله في مقدورهم.

والصرفة إعجاز على القولين معًا .... ".

ثم يقول:

" فإذا ثبت إعجاز القرآن من هذه الوجوه كلها، صح أن يكون كل واحد منها معجزًا، فإذا جمع القرآن سائرها كان إعجازه أقهر، وحجاجه أظهر، وصار كفلق البحر، واحياء الموتى، لأن مدار الحجة في المعجزة إيجاد ما لا يستطيع الخلق مثله" (٤) ومثل ذلك يقوله في تفسيره النكت والعيون:

" فأما إعجاز القرآن الذي عجزت به العرب عن الإتيان بمثله، فقد اختلف العلماء فيه على ثمانية أوجه، إلى أن يقول: والثامن: أن إعجازه هو الصَّرْفة، وهو أن الله تعالى صرف هممهم عن معارضته، مع تحديهم أن يأتوا بسورة من مثله،


(١) - تفسير ابن كثير: (٥/ ١١٧).
(٢) - القاضي عضد الدين الإيجي: شرح المواقف ٨\ ٦٤٦
(٣) - مقدمة جامع التفاسير: (ص: ١٠٤)، السيوطي: معترك الأقران في إعجاز القرآن: (١/ ٥ ـ ٦).
(٤) -الماوردي: أعلام النبوة: (ص: ٨٥ ـ ٨٦).

<<  <   >  >>