للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعتاد من أعظم المعجزات ". (١)

[حادي عشر: ابن حزم الأندلسي الظاهري: (ت: ٤٥٦ هـ)]

وممن قال بالصَّرْفة أيضًا الفقيه ابن حزم الأندلسي الظاهري، وكلامه في بالصَّرْفة مضطرب، فهو تارة يقول بها، وتارة يقول بغيرها فهو مضطرب في تلك المسألة، وتمشيًا مع القاعدة الأصولية "المثبت مقدم على النافي" فننقل كلام ابن حزم في القول بالصَّرْفة حيث إنه يرى أن القرآنَ ليس مُعْجِزًا في ذاتِهِ، بل لِأنَّ اللهَ صرفَ العربَ عن الإتيانِ بمثلِهِ، ويقول بعد إيرادهِ عدةَ آياتٍ من كتابِ الله عز وجل:

" ...... فكان هذا كله إذ قاله غير الله عز وجل غير معجز بلا خلاف إذ لم يقل أحد من أهل الإسلام أن كلام غير الله تعالى معجز لكن لما قاله الله تعالى وجعله كلامًا له أصاره معجزًا ومنع من مماثلته وهذا برهان كافٍ لا يحتاجُ إلى غيره". (٢).

وبمطالعة أقوال بعض الباحثين في عدد من المصادر وجدت أكثرها أو جلها على هذا الرأي في ابن حزم رحمه الله، بأنه مضطرب ولم يحسم رأيه وقوله في المسألة، لأنه تارة يقول بها وتارة يقول بغيرها، ولكن كما قال ربنا: (وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ) (يوسف: ٨١).

[المطلب الرابع: القائلون بالصرفة من الشيعة الإمامية]

والشيعة الإمامية هم حملة لواء القول بالصَّرْفة في العصور المتأخرة خاصة وأنهم ورثة الفكر الاعتزالي. وممن قال بها منهم:

أ- الشيخ المفيد: (ت: ٣٣٩ هـ) في كتابه أوائل المقالات، وإن حكى عنه غيره.

ب- الشريف المرتضى: (ت: ٣٥٥ هـ) في رسالة خاصة تحت عنوان: (الموضح من جهة إعجاز القرآن).

ج- الطوسي: نصر الدين محمد بن محمد بن الحسن (ت: ٣٨٥ هـ) في شرحه لكتاب (جمل العلم والعمل) للشريف المرتضى ولكنه تراجع عن القول بها صراحة في كتاب (الاقتصاد).

د- ابن سنان الخفاجي: (ت: ٤٦٦ هـ) في كتابه سرّ الفصاحة.

هذا قول من قال بالصَّرْفة من الشيعة الإمامية إجمالًا ونسوق أقوالهم بشيء من التفصيل على النحو التالي:

أ- الشيخ المفيد، أبوعبد الله، محمد بن محمد بن النعمان، البغدادي العكبري، رئيس المذهب الشيعي الإمامي في وقته: (ت: ٣٣٨ هـ) قال في جهة إعجاز القرآن:

" إنّ جهة ذلك هو الصَّرْف من الله تعالى لأهل الفصاحة واللسان عن معارضة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمثله في النظّام عند تحدّيه لهم، وجعل انصرافهم عن الإتيان بمثله ـ وإن كان في مقدورهم دليلاً على نبوته. واللُّطف من الله تعالى مستمر في الصرف عنه إلى آخر الزمان. وهذا أوضح برهان في الإعجاز، وأعجب بيان.


(١) - الغزالي: الاقتصاد في الاعتقاد: (ص: ١٢٩ ــ ١٣٠ (.
(٢) - الفصل في الملل: (٣/ ١٢).

<<  <   >  >>