ورغم هذا الاختلاف الظاهر في الاصطلاح إلا أن الحقيقة المختلف عليها واحدة، وبيان ذلك: أن المرسل عند أهل المصطلح نوع خاص من المنقطع، وهو ما انقطع بعد التابعي، وقول الخطيب ومن سبقه أو لحقه عام في كل منقطع، يضاف إلى هذا أن المرسل الذي دار حوله الخلاف، بين التصحيح والتضعيف والقبول والرد، هو مرسل التابعي، وأما المنقطع دون التابعي فهذا لا جدال في ضعفه، وأهل الاصطلاح وغيرهم يقرون بضعفه.
ولما كانت صورة الخلاف الحقيقي هي مرسل التابعي كانت صور الانقطاع الأخرى محل نزاع لفظي لا نزاع حقيقي.
المرسل عند ابن رجب:
أما ابن رجب فإنه لم يتعرض لتعريف المرسل كما فعل سلفه وخلفه من أهل المصطلح، وإنما اكتفى بالأمثلة التطبيقية تحدد مفهومه عن المرسل، وفي شرح العلل له تبعا لأصله، صور من المرسل، هاك أمثلتها:
١ - أن يقول التابعي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان يفعل سعيد بن المسيب والحسن البصري وعطاء بن أبي رباح ويحيى بن أبي كثير. وهذا هو الأعم الأغلب في المرسلات.
٢ - أن يسقط التابعي راويا بينه وبين الصحابي: كرواية مجاهد عن علي، وبينهما ابن أبي ليلى. أو يقال: سعيد بن المسيب عن عمر حجة، رغم انه لم يسمع من عمر كثيرا، ولكنه أرسل عنه كثيرا.
٣ - أن يقول تابع التابعي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كمالك مثلا، ومن في طبقته جاء في علل الترمذي قوله: قال علي: قلت ليحيى: فمرسلات مالك؟ قال: هي أحب إلي. ثم قال يحيى: ليس في القوم أحد أصح حديثا من مالك.