ويقول الإمام مسلم كذلك: وإنما كان تفقد من تفقد سماع رواة الحديث ممن روى عن رجل ثم روى حديثا عن آخر عنه.
ومن هذا كله يتبين لنا أن كلام الإمام مسلم ينصب على إمكان اللقاء العاري عن أية قرينة على خلافه.
رابعا: إن الأمثلة التي ساقها ابن رجب للتدليل على رأيه لا تصلح للاستدلال، لأنها كلها حالات من العنعنة التي قامت القرينة على عدم الاتصال فيها، فمثلا: المعروف أن لقاء سعيد بن المسيب بعمر - رضي الله عن هـ - لا يتسع لحجم رواية سعيد عنه، وهذا يكفي قرينة على عدم السماع ويدعو إلى التفتيش عنه في كل رواية.
وكذلك كل من بحث من السلف عن اللقاء أو السماع إنما بحث لقيام قرينة ترجح جانب الانقطاع على الاتصال، وقد ذكرنا القرائن التي توجب التفتيش عن اللقاء أو السماع في الاعتراض الثالث السابق، وقلنا أن مذهب مسلم لا يعارض هذا.
خامسا: وإنني أرى في ختام هذه المناقشة رأي مسلم أسلم وأوجه وأثبت وأنه يتناول أدنى مراتب الاتصال. ولا يمنع هذا أن يصنف غيره كتابا فيضيف شرطا، كشرط اللقاء أو السماع ولكن هذا الشرط يبقى شرط كتاب لا شرط صحة والله أعلم