وهذان المثالان يؤكدان أن الإمام أحمد لا يقبل الزيادة مطلقا، وإنما يقبلها من أوثق الناس في المروي عنه وهذا يناقض قول بعض الحنابلة الذين قالوا: إن أحمد يقبل الزيادة مطلقا. واعتمدوا على كلام لأحمد في حديث فوات الحج حيث جاء فيه روايتنا الأولى، فيها القضاء فقط، والثانية فيها زيادة دم، فقال أحمد، والزائد أولى أن يؤخذ.
اعتراض ابن رجب على أصحابه من الحنابلة الذي قالوا أن أحمد يقبل الزيادة مطلقا:
واعتراض ابن رجب على من قال إن أحمد يقبل الزيادة مطلقا، ورد الاستدلال السابق فقال:"وهذا ليس مما نحن فيه فإن مراده أن الصحابة روى بعضهم فيمن يفوته الحج أن عليه القضاء، وعن بعضهم أن عليه القضاء مع الدم فأخذ بقول من زاد الدم، فإذا روي حديثان مستقلان في حادثة، وأحدهما فيه زيادة فإنها تقبل كما لو انفرد الثقة بأصل الحديث. وليس هذا من باب زيادة الثقة، التي صورتها أن يروي جماعة حديثا واحدا بإسناد واحد ومتن واحد، فيزيد بعض الرواة فيه زيادة لم يذكرها بقية الرواة".
ونخلص مما سبق أن الزيادة المقبولة هي زيادة المبرز في الحفظ على غيره، وهذا أمر اعتباري يختلف من راو إلى آخر، فحماد بن سلمة أوثق الناس في ثابت البناني فالزيادة التي ينفرد بها في حديث ثابت مقبولة وأما حماد في غير ثابت ففي حفظه نظر فزيادته في غير ثابت فيها نظر كذلك. وكذلك كل راو من الرواة فإنه مختص برجل يروي عنه فيضبط أحاديثه أكثر من غيره. فزيادة هذا الراوي مقبولة.
زيادة الثقة في الإسناد:
وزيادة الثقة في الإسناد فرع من زيادة الثقة بشكل عام، ولبيان معنى هذا النوع من الزيادة نمثل لها بمثال ذكره أكثر المصنفين وهو حديث "النكاح بلا ولي".