استفادوا كثيرا من ذلك المركز التجاري الممتاز، الذي جعل بلاد المماليك ملتقى النشاط التجاري العالمي آنذاك.
والجدير بالذكر أنه بالرغم من هذه المكانة التي حظي بها التجار عند السلاطين، إلا أنهم كانوا يتعرضون لسطوتهم، فيؤخذ منهم المال الوفير بين الحين والآخر.
وأما العامة: فتتألف من العمال، والصناع، والسقائين، والسوقة، والمكاريين، وكان أفراد هذه الفئة على درجة كبيرة من الفقر والحاجة.
وأما الفلاحون: وهم سواد الناس، فلم يكن نصيبهم سوى الإهمال، وقد وصلت أحوالهم إلى درجة كبيرة من السوء، وزاد من هذا السوء كثرة المغارم، التي حلت بهم، والضرائب التي فرضت عليهم، علاوة على أنهم لم يسلموا من فئة العربان وبطشهم.
وأما العربان فهؤلاء لهم شخصيتهم المتميزة، وهم المنافس الوحيد لفئة المماليك، ولذلك فهم يثورون بين الفينة والفينة، وفي بعض الأوقات يتمنعون عن دفع الضرائب والخراج.
ومن أشهر ثورات هؤلاء الأعراب ثورة بدر بن سلام سنة ٧٧٩هـ، الذي هاجم دمنهور وفتك في أهلها، ولم تتمكن الدولة من إخماد هذه الثورة إلا بعد ثلاث سنين، أي سنة ٧٨٢هـ.
ولقد جرب العربان حظهم مرة أخرى بالثورة، ومعهم الخليفة المتوكل والمماليك الأشرفية، وحاولوا قتل السلطان برقوق وتنصيب الخليفة المتوكل سلطانا، ولكن هذه المحاولة لم تفلح.