وقد كان في دمشق - وحدها - وحيث يقطن ابن رجب ثلاثمائة وخمسون مدرسة، منها ثماني عشرة دارا للحديث، وإلى جانب هذا العدد من المدارس وجد الكثير من الخوانق والربط والمساجد، وكلها تساهم في نشر الثقافة والعلم.
وقد تجاوزت هذه الحركة العلمية رجال هذا العصر إلى نسائه لنجد العالمات والمسندات والفقيهات، وقد تتلمذ على كثير منهن مشايخ هذا العصر الأجلاء ومنهن ست العز بنت محمد بن الفخر المسندة (ت ٧٦٧هـ) ، التي سمع منها الحافظان العراقي والهيثمي، والمقرئ ابن رجب والد شيخنا عبد الرحمن. وكزينب بنت إسماعيل بن الخباز، التي تتلمذ عليها العراقي، وعبد الرحمن بن رجب، ومعظم مشايخ العصر.
وأما مشاهير علماء هذا العصر فإنه يصعب حصرهم لكثرتهم، فقد امتلأت المدن والحواضر بكبار العلماء، وحتى القرى النائية والأمصار المهجورة كان عندها من العلماء من يسد حاجتها، وتفيض به على غيرها.
ومن مشاهير علماء هذا العصر: أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني (ت ٧٢٨هـ) صاحب الفتاوى، ومنهاج السنة، والحسبة، والسياسة الشرعية وغيرها كثير من الكتب، والقاسم بن محمد البرزالي (ت ٧٤٠هـ) محدث الشام، وصاحب التاريخ، والمعجم الكبير، والحافظ جمال الدين المزي (ت ٧٤٢) صاحب تهذيب الكمال، والحافظ محمد بن قايماز الذهبي (ت ٧٤٨هـ) ، عالم التاريخ الموسوعي، وعالم الحديث، وصاحب الكتب الكثيرة كتاريخ الإسلام، وسير أعلام النبلاء وميزان الاعتدال، وغيرها كثير، والحافظ عماد الدين بن كثير (ت ٧٧٤هـ) صاحب التاريخ، والتفسير، وأحمد بن فضل الله العمري الدمشقي إمام أهل الأدب، والتاريخ، والجغرافيا، والاصطرلاب، ومسالك الأبصار له معلمة تاريخية كبرى، وصلاح الدين